قهوتي و كتابي

نزول عيسى ابن مريم عليه السلام


لماذا لم يُصل عيسى- عليه السلام- إماماً؟

لو تقدم عيسى إماماً لوقع في النفس إشكال, وقيل أتراه تقدم نائباً, أو مبتدئاً شرعاً, فصلى مأموماً لئلا يتدنس بغبار الشبهة, وجه قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نبي بعدي).

ينزل عيسى ابن مريم- عليه السلام- بعد خروج الدجَّال الملعون, ونزوله صلى الله عليه وسلم حق,وصحيح عند أهل السنة والجماعة, للأحاديث الصحيحة في ذلك, وليس في العقل, ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته, وأنكر ذلك بعض المعتزلة, والجهمية, ومن وافقهم, وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى: { وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40]. وبقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نبي بعدي), وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم, وأن شريعته مؤيدة إلى يوم القيامة لا تنسخ.., وهذا استدلال فاسد؛ لأنه ليس المراد بنزول عيسى- عليه السلام- أنه ينزل نبيًّا بشرع ينسخ شرعنا, ولا في هذه الأحاديث, ولا في غيرها شيء من هذا, بل صحَّ أنه- عليه السلام- ينزل حكماً
مقسطاً بحكم شرعنا, ويحيي من أمور شرعنا ما هجره, والذي يدل على نزول عيسى صلى الله عليه وسلم وحكمه, وسيره على شرعنا قوله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عدلاً فيكسر الصليب, ويقتل الخنزير, ويضع الجزية, ويفيض المال حتى لا يقبله أحد, حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا, وما فيها), ثمّ يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } [النساء: 159], وانظر إلى قوله: ( يكسر الصليب): يعني يبطل دين النصارى, ويُبَيِّن كفرهم, وقوله: ( يضع الجزية): أي لا يقبلها من اليهود والنصارى, فإما إسلام, أو كفر, فإن أسلموا فنعم, وإلا فالقتل القتل.

وقوله: ( يفيض المال): أي يكثر, وهذا بعد أن يكون المسلمون في جهد جهيد, ومشقة, وجوع, ونقص في الأموال, والثمرات, وقبل أن نذكر ما يحدث من حروب عند نزول عيسى صلى الله عليه وسلم يجدر بنا أن نوضح أوصاف سيدنا عيسى- عليه السلام- حتى يعرفه المسلمون معرفة تامة.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رأيت عيسى الليلة عند االكعبة في المنام فإذا رجل آدم كأحسن ما يُرى من أدم الرجال. تضرب لمته بين منكبيه, رجل الشعر يقطر رأسه ماءً, واضعاً يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت فقلت: من هذا؟, فقالوا: هذا المسيح ابن مريم)
[أدم الرجال: ليس شديد السواد ولا البياض أحمر اللون, اللمة: شعر الرأس إذا طال ونزل عن شحمة الأذن, رجل الشعر: سرحه ودهنه].
ويقول: ( ليس بيني وبينه نبي- وإنه نازل, فإذا رأيتموه فاعرفوه, رجل مربوع إلى الحمرة والبياض, بين مُمصَّرتين, كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل, فيقاتل الناس على الإسلام, فيدق الصليب ويقتل الخنزير, ويضع الجزية, ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام, ويهلك المسيح الدجَّال, فيمكث في الأرض أربعين سنة ثمّ يتوفى فيصلي عليه المسلمون).
[ رجل مربوع: وسط ليس بالطويل ولا بالقصير, ممصرتين: ثوب مُمصّرمصبوغ بالعشوق وهو نبات أحمر طيب الرائحة تستعمله العرائس]

وفي الحديث الصحيح: ( إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جُمان كاللؤلؤ).
[ قطر: أي نزل منه الماء, جُمان: حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار]

ويقول- عليه صلوات الله: ( ولقيت عيسى-أي ليلة الإسراء- ربعة أحمر, كأنما خرج من ديماس),  يعني الحمام.
وفي رواية: ( رأيت عيسى أحمر جعد, عريض الصدر).
فهو إذن: أحمر آدم, وسط في الطول, جعد الشعر, عريض الصدر, شعره إلى المنكبين.

د/مصطفى مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة