(
كل قصة استعمار سبقتها قصة شعب قابل للإستعمار ) مالك بن نبي
في إحدى أمسيات شهر ديسمبر عام 1955 الباردة جمعت (روزا
باركس) ذات البشرة السمراء و التي تعمل خياطة حاجياتها و تجهزت للعودة إلى بيتها
بعد يوم من العمل الشاق المضني , مشت روزا في الشارع تحتضن حقيبتها مستمدة منها
بعض الدفء اللذيذ .
التفتت يمنة و يسرة ثم عبرت الطريق ووقفت تنتظر الحافلة
كي تقلها إلى وجهتها , و أثناء وقوفها الذي استمر لدقائق عشر كانت (روزا) تشاهد في
ألم منظر مألوف في أمريكا أنذاك , و هو قيام الرجل الأسود من كرسيه ليجلس مكانه
رجل أبيض ! .
لم يكن هذا السلوك وقتها نابعاً من روح أخوية , أو لمسة
حضارية , بل لأن القانون الأمريكي آنذاك كان يمنع منعاً تاماً جلوس الرجل الأسود و
سيِّدُه الأبيض واقف.
حتى و إن كانت الجالسة امرأة سوداء عجوز و كان الواقف
شاب أبيض في عنفوان شبابه , فتلك مخالفة تُغرم عليها المرأة العجوز .