قهوتي و كتابي

مدة مكث الدجَّال في الأرض


مرَّ بنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنه يمكث في الأرض أربعين ليلة).
وقد جاء مثل هذا في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال:  ( أربعين, يوماً كسنة, ويوم كشهر, ويوم كجمعة, وسائر أيامه كأيامكم), قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: ( لا, اقدروا له قدره).
وهذا الحديث عند أهل العلم على ظاهره, وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ( وسائر أيامه كأيامكم).

ومعنى: ( اقدروا له قدره).
أي يقدرون الوقت الذي بين الصبح والظهر, ثم يصلون الظهر, ويقدرون الوقت الذي بين الظهر والعصر, فإذا مضى يصلون العصر, ويقدرون الوقت الذي بين العصر والمغرب فإذا مضى يصلون المغرب, ويقدرون الوقت الذي بين المغرب والعشاء ثم يصلون العشاء.., وهكذا حتى تمر السنة, وأمَّا اليوم الثاني: يقدرون صلوات شهر, وأمَّا اليوم الثالث: فيقدرون صلوات أسبوع ثم يصلون باقي الأيام كأيامنا هذه.

يجمل بنا ونحن نتحدث عن الدجَّال أن نذكر هذا الحديث الجامع لقصة الدجَّال:


عن النواس بن سمعان الكلابي قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجَّال, الغداة, فخفض فيه, ورفع. حتى ظننا أنه في طائفة النخل. فاما رحنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف ذلك فينا. فقال: ( ما شأنكم؟) قلنا: يا رسول الله! ذكرت الدجَّال الغداة. فخفضت فيه ثم رفعت. حتى ظننا أنه في طائفة النخل. قال: (غير الدجَّال أخوفني عليكم: إن يخرج وأنا فيكم, فأنا حجيجه دونكم. وإن يخرج ولست فيكم فالمرء حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم. إنه شاب قطط عينه قائمة كأني أشبه بعبد العُزى بن قطن. فمن رآه منكم, فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فعاث يميناً وعاث شمالاً. يا عباد الله! اثبتوا ) قلنا: يا رسول الله!, وما لبثه في الأرض؟ قال: ( أربعون يوماً . يوم كسنة, ويوم كشهر, ويوم كجمعة, وسائر أيامه كأيامكم), قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة, تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: ( فاقدروا له قدره) قال قلنا: فما إسراعه في الأرض؟ قال: ( كالغيث استدبرته الريح). قال: ( فيأتي القوم فيدعوهم فيستجيبون له ويؤمنون به فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت وتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذري وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله. فينصرف عنهم. فيصبحون ممحلين ما بأيديهم شيء, ثم يمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فينطلق. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف ضربة, فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك فبينما هم كذلك إذ بعث الله عيسى ابن مريم. فينزل عند المنارة البيضاء, شرقي دمشق بين مهرودتين واضع كفه على أجنحة ملكين, إذا طأطأ رأسه قطر. وإذا رفعه ينحدر منه جمان كاللؤلؤ ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فينطلق حتى يدركه عند باب لُدَّ فيقتله, ثم يأتي نبي الله عيسى قوماً قد عصمهم الله. فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة. فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إليه: يا عيسى! إني قد أخرجت عباداً لي. لا يدان  لأحد بقتالهم. وأحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة الطبرية فيشربون ما فيها. ثم يمر آخرهم فيقولون: لقد كان في هذا ماء مرة. ويحضر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم. فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم, فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة. ويهبط نبي الله عيسى وأصحابه فلا يجدون موضع شبر إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم. فيرغبون إلى الله سبحانه فيرسل عليهم طيراً كأعناق البُخت فتجملهم فتطرحهم حيث شاء الله. ثم يرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسله حتى يتركه كالزلقة ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة. فتشبعهم. ويستظلون بقحفها ويبارك الله في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل تكفي الفئام من الناس. واللقحة من البقر تكفي القبيلة. واللقحة من الغنم تكفي الفخذ فبينما هم كذلك. إذ بعث الله عليهم ريحاً طيبة فتأخذ تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم. ويبقى سائر الناس يتهارجون كما تتهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة).

[ فخفض فيه ورفع: أيا بالغ في تقريبه واستعمل فيه كل فن من خفض ورفع, حجيجه: الغالب الحجة أي فأنا حجيجه دونكم أي محاجه ومدافعه ومبطل أمره من غير افتقار إلى معين, قطط: شديد جعودة الشعر, خلة: طريق بينهما, عاث: من العيث وهو أشد الفساد, يا عباد الله اثبتوا: أي اثبتوا على الإسلام, تروح: أي ترجع آخر النهار, سارحتهم: أي ماشيتهم, ذري: جمع ذروة وهو أعلى سنام البعير, أسبغه ضروعاً: أي أطوله لكثرة اللبن, أمده خواصر: لكثرة امتلائها من الشبع, فيردون عليه: أي يكذبونه, ممحلين: مجدبين, بالخربة: أي الأرض الخراب, كيعاسيب النحل: هي جماعة من النحل وهو أميرها لأنه متى طار تبعته الجماعة, جزلتين: أي قطعتين, رمية الغرض: أنه يجعل بين الجزلتين مقدار ميتة, بين مهرودتين: لابس مهرودتين أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران, جمان اللؤلؤ: الجمان حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار والمراد ينحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفاته, باب لد: بلدة قريبة من بيت المقدس,لا يدان لأحد: أي لا قوة ولا قدرة ولا طاقة وفي النهاية المباشرة والدفاع إنما تكون باليد فكأن يديه معدومتان لعجزه عن الدفع, وأحرز: من الإحراز وهو الجمع والضم والإدخال في الحرز, حدب: أي مرتفع من الأرض, ينسلون: أي يسرعون, النغف:دود يكون في أنف الإبل والغنم واحدته نغفة, فرسى: كقتلى لفظاً ومعنى وأحدهم فريس, زهمهم ونتنهم: الريح النتنة, البخت: هي جمال طوال الأعناق واحدتها بختة, لا يكن: أي لا يستر ولا يقي, بيت مدر: هو الطين الصلب, كالزلقة: واختلفوا في معناها قيل كالمرأة وقيل كمصانع الماء, العصابة: الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين, بقحفها: هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل, الرسل: اللبن, اللقحة: الناقة القريبة العهد بالنتاج, الفئام: الجماعة الكثيرة, الفخذ: هم الجماعة من الأقارب, يتهارجون: أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير].

د/مصطفى مراد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة