قهوتي و كتابي

السفياني


والسفياني من ولده, وهو رجل ضخم الهامة بوجهه آثار الجدري, بعينه نُكتة بيضاء.

من أين يخرج؟
يخرج من ناحية مدينة دمشق, في واد يقال له: وادي اليابس, يُؤتى في منامه فيقال له: قم فاخرج فيقوم فلا يجد أحداً, ثم يُؤتى الثانية فيقال له مثل ذلك, ثم يقال له في الثالثة: قم فاخرج فانظر إلى باب دارك, فينحدر في الثالثة إلى باب داره, فإذا هو بسبعة نفر, أو تسعة, معهم لواء فيقولون: نحن أصحابك, مع رجل منهم لواء معقود لا يعرفون في لوائه النصر, يستفرش يديه على ثلاثين ميلاً لا يرى ذلك العلم أحد إلا انهزم, فيخرج فيهم ويتبعهم ناس من قريات الوادي, وبيد السفياني ثلاث قضبان لا يقرع بها أحداً إلا مات, فيسمع به الناس, فيخرج صاحب دمشق فيلقاه ليقاتله, فإذا نظر إلى رايته انهزم فيدخل السفياني في ثلاثمائة وستين راكباً دمشق, وما يمضي عليه شهر حتى يجتمع عليه ثلاثون ألفاً من كلب وهو أخواله.

وعلامة خروجه:

أنه يُخسف بقرية من قرى دمشق, ولعلها حَرَسْتا, ويسقط الجانب الغربي من مسجدها, ثم يخرج الأبقع والأصهب فيخرج السفياني من الشام والأبقع من مصر والأصهب من الجزيرة, أي جزيرة العرب لا جزيرة ابن عمر, فإنها داخلة في جزيرة العرب, ويخرج الأعرج الكندي بالمغرب, ويدوم القتال بينهم سنة, ويغلب السفياني على الأبقع والأصهب, ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء, ثم يرجع حتى ينزل الجزيرة إلى السفياني على قيس, ويجوز ما جمعوا من الأموال, ويظهر على الرايات الثلاث.


*الأبقع والأصهب والأعرج والمنصور والحارث والمهدي, صفات وألقاب لا أسماء لهم.

ثُم يقاتل الترك والروم بقرقيسيا فيظهر عليهم, ويفسد في الأرض, فتبقر بطون النساء ويقتل الصبيان, ويهرب رجال من قريش إلى قسطنطينية, فيبعث إلى عظيم الروم أن يبعث بهم في المجامع, فيبعث بهم إليه, فيضرب أعناقهم على باب المدينة بدمشق, ثم ينفتق عليهم فتق من خلفهم فيرجع إليهم ويقتل طائفة منهم, فينهزمزن حتى يدخلوا أرض خراسان, وتُقبل خيل السفياني في طلبهم كالليل والسيل, فلا تمر بشيء إلا أهلكته وهدمته, فيهدم الحصون ويخرب القلاع, حتى يدخل الزوراء, وهي بغداد, فيقتل من أهلها مائة ألف, ثم يسير إلى الكوفة فيقتل من أهلها ستين ألفاً, ويسبي النساء والذراري, ويبث جنوده في البلاد, فتبلغ المشرق من أرض خراسان, ويطلبون أهل خراسان في كل وجه, ويبعث بعثاً إلى المدينة فيأخذون من قدروا عليه من آل محمد صلى الله عليه وسلم, ويقتلون من بني هاشم رجالاً ونساء,ويؤتى بجماعة منهم إلى الكوفة, وتفترق بقيتهم في البراري فعند ذلك يهرب المهدي والمبيض.

وفي رواية: والمنصور إلى مكة  في سبعة أنفس, ويستخفون هناك, فيرسل صاحب المدينة إلى صاحب مكة: إذا قدم عليكم فلان وفلان- يكتب أسماءهم- فاقتلوهم, فيعظم ذلك صاحب مكة, ثم يتآمرون بينهم فيأتونه ليلاً ويستجيرون به, فيقول: اخرجوا آمنين, فيخرجون, ثم يبعث إلى رجلين منهم فيقتل أحدهما والآخر ينظر إليه, ويقتلون النفس الزكية بين الركن والمقام, فعند ذلك يغضب الله ويغضب أهل السموات, ثم يرجع الآخر إلى أصحابه فيخبرهم فيخرجون حتى ينزلوا جبلاً من جبال الطائف, فيقيمون فيه, ويبعثون إلى الناس, فينساب إليهم ناس, فإذا كان كذلك, غزاهم أهل مكة فيهزمون أهل مكة ويدخلون مكة ويقتلون.

ويحج الناس في هذه السنة, أعني سنة خروجه, من غير أمير, فيطوفوفن جميعاً فإذا نزلوا منى, أخذ الناس كالكلب فيثور القبائل بعضهم على بعض فيقتتلون, وينهب الحاج وتسيل الدماء على جمرة العقبة ويأتي سبعة رجال علماء من آفاق شتى على غير ميعاد وقد بايع لكل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر, فيجتمعون بمكة ويقول بعضهم لبعض: ما جاء بكم؟ فيقولون: جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ  على يديه الفتن, ويفتح له قسطنطينة, وقد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه.

فيتفق السبعة على ذلك, فيطلبونه بمكة فيقولون: أنت فلان ابن فلان؟ فيقول: بل أنا رجل من الأنصار فينفلت منهم, فيصفونه لأهل الخبرة فيه والمعرفة به, فيقولون: هو صاحبكم الذي تطلبونه وقد لحق بالمدينة, فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة, وهكذا إلى ثلاث مرات.

ويسمع صاحب المدينة بطلب الناس للمهدي, فيجهز جيشاً في طلب الهاشميين بمكة, ويأتي أولئك السبعة فيصيبونه بالثالثة بمكة عند الركن, ويقولون: إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك, هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا عليهم رجل من حزم, ويهددونه بالقتل إن لم يفعل فيجلس بين الركن والمقام ويمد يده فيبايع, فيظهر عند صلاة العشاء مع راية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقميصه وسيفه.

فإذا صلى العشاء أتى المقام فصلى ركعتين وصعد المنبر ونادى بأعلى صوته: أذكركم الله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم, ويخطب خطبة طويلة يرغبهم فيها في إحياء السنن وإماتة البدع, فيظهر فيه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدد أهل بدر, وعدد أصحاب طالوت حين جاوزوا معه النهر, من أبدال الشام وعصائب أهل العراق ونجائب مصر على غير ميعاد قُزعاً كقزع الخريف, رهبان بالليل أُسدٌ بالنهار, ويأتيهم جيش صاحب المدينة فيقاتلونه, فيهزمونهم, ويتبعونهم حتى يدخلوا المدينة ويستنقذوها من أيديهم.

ويبلغ السفياني خروجه, فيبعث إليهم بعثاً من الكوفة, فيأتون المدينة فيستبيحونها ثلاثاً, ويقتلون قتلاً في الحرة عنده كضربة سوط, ويقصدون المهدي, فإذا خرجوا من المدينة وكانوا ببيداء من الأرض, خُسف بأولهم وآخرهم, ولم ينج أوسطهم, فلا ينجو منهم إلا نذير إلى السفياني, وبشير إلى المهدي, فلما سمع المهدي بذلك قال: هذا أوان الخروج, فيخرج ويمر بالمدينة فيستنقذ من كان أسيراً من بني هاشم, وتفتح له أرض الحجاز كلها.

ثم يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث وحراث على مقدمته رجل يقال له: المنصور يمكن لآل محمد صلى الله عليه وسلم, كما مكنت قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم, وجب على كل مؤمن نصره, فهذا الرجل يُحتمل أن يكون الهاشمي يلقب بالحارث, كما يلقب المهدي بالجابر, ويُحتمل أن يكون غيره, ويثور أهل خراسان بعسكر السفياني, ويكون بينهم وقعات, وقعة بتونس, ووقعة بدولاب الري, ووقعة بتخوم الدرينخ.

فإذا طال عليهم قتالهم إياه, بايعوا رجلاً من بني هاشم بكفه اليمنى خال, سهل الله أمره وطريقه هو أخ المهدي من أبيه, أو ابن عمه وهو حينئذ بآخر المشرق, فيخرج بأهل خراسان وطالقان ومعه الرايات السود الصغار, وهذه غير رايات بني عباس, على مقدمته رجل من تميم من الموالي, ربعة أصفر قليل اللحية كوسج, واسمه شعيب بن صالح التميمي, يخرج إليه في خمسة آلاف, فإذا بلغه خروجه شايعه وصيره على مقدمته, لو استقبلته الجبال الرواسي لهدها, يمهد الأمر للمهدي, كما مهدت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا سمعتم برايات سوداء أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج).

وليس في هذا الحديث إشارة معينة إلى أن أصحاب الرايات السود هم جماعة طالبان التي كانت تحكم أفغانستان.

فقد تخرج من باكستان, أو تركستان, أو طاجيكستان.

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشاً إلى المشرق وجيشاً إلى المدينة, فيسير الجيش نحو المشرق حتى ينزل بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة يعني مدينة بغداد, قال: فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف, ويفتضون أكثر من مائة امرأة, ويقتلون بها أكثر من ثلاثمائة كبش من ولد العباس, ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدي من الكوفة فتلحق ذلك الجيش على ليلتين فيقتلونهم حتى لا يفلت منهم مخبر, ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم, ويحل جيشه الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيام ولياليها, ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء, بعث الله جبريل عليه السلام  فيقول: يا جبريل اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم, وذلك قوله تعالى عز وجل: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [سبأ: 51], فلا يبقى منهم إلا رجلان أحدهما بشير والآخر نذير وهما من جهينة ).

ولذلك جاء القول: وعند جهينة الخبر اليقين:
ثم إن عروة بن محمد السفياني يبعث جيشاً إلى الكوفة خمسة عشر ألف فارس, ويبعث جيشاً آخر فيه خمسة عشر ألف راكب إلى مكة والمدينة لمحاربة المهدي ومن تبعه فأما الجيش الأول فإنه يصل إلى الكوفة فيتغلب عليها ويسبي من كان فيها من النساء والأطفال ويقتل الرجال ويأخذ ما يجد فيها من الأموال, ثم يرجع فتقوم صيحة بالمشرق: فيتبعهم أمير من أمراء بني تميم يقال له شعيب بن صالح فيستنقذ من السبي ويرد إلى الكوفة. وأما الجيش الثاني فإنه يصل إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقاتلونها ثلاثة أيام, ثم يدخلونها عنوة ويسبون ما فيها من الأهل والولد, ثم يسيرون نحو مكة أعزها الله لمحاربة المهدي ومن معه, فإذا وصلوا إلى البيداء مسخهم الله أجمعين فذلك قول الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [سبأ: 51 ].

 د/مصطفى مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة