قهوتي و كتابي

لماذا لم يذكر الدَّجَّال في القرآن الكريم؟


جاء ذكر المسيح الدَّجَّال, وفتنته فيما يزيد عن ثلاثين حديثاً نبويًّا لكنه لم يذكر في القرآن الكريم رغم عظم فتنته التي حذر منها كل الأنبياء- عليهم السلام.

ورغم أنه ذكر في القرآن الكريم ما هو أقل منه فتنة كيأجوج ومأجوج, والدابة, والدخان.

وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة منها:
1-   أنه ذُكر في قوله تعالى: { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا}[الأنعام:158], فقد أخرج الترمذي, وصححه عن أبي هريرة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاثة إذا خرجن لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل: الدَّجَّال, والدَّابة, وطلوع الشمس من مغربها )
وهذا الجواب كما ترى, واهٍ, إذ إنه لا يوجد في الآية أي ذكر للدَّجَّال.

2-   أنه وقعت الإشارة في القرآن إلى نزول عيسى ابن مريم في قوله تعالى: { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } [النساء: 159], وفي قوله تعالى: { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61], وصح أنه الذي يقتل الدجَّال, فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر, ولكونه يلقب "المسيح" كعيسى لكن الدجَّال "مسيح الضلالة", وعيسى "مسيح الهدى".
وهذا الجواب كما ترى غير وافٍ إذ أنَّ الأولَى أن يذكر الدجَّال الذي حذر منه كل الأنبياء.


3-   أنه ترك ذكره احتقاراً:
وهذا القول فيه نظر, فقد تُعقب؛ لأنه ذكر يأجوج ومأجوج, وليست الفتنة بهم بدون الفتنة بالدجَّال, والذي قبله.
وأجاب الإمام البلقيني بأنه اعتبر كل من ذكر في القرآن من المفسدين فوجد كل من إنما هو ممن مضى, وانقضى أمره أمّا من لم يجئ بعد فلم يذكر منهم أحداً.
وهذا الذي ذكره الإمام البلقيني مردود؛ لأن القرآن ذكر يأجوج ومأجوج, وهم من المفسدين, ولم ينقض أمرهم بعد.

وقد وقع في تفسير البغوي أنَّ الدجَّال مذكور في القرآن في قوله تعالى: { لَخَلْق السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر:57].
وأن المراد بالناس هنا الدجَّال من إطلاق الكل على البعض.

وأولى جواب عندي في هذه المسألة:
أنَّ الدَّجَّال لم يذكر في القرآن الكريم لبيان حجية السنة, وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع, وأن منكرها كافر, وأنه لا يكتفى بالقرآن وحده؛ لأنه سيظهر أقوام يؤمنون بالقرآن, ويكفرون بالسنة النبوية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يوشك أحدكم متكئ على أريكته يقول: عليكم بكتاب الله فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه, وما وجدتم فيه من حرام فحرموه, ألا إن ما أحله رسول الله مثل ما أحله الله, ألا إنَّ ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله ).

د/مصطفى مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة