قهوتي و كتابي

الأسلحة الدجَّالية


بعد أن يظهر المسيح الدجَّال- لعنه الله- من أصبهان- ما بين روسيا وإيران- يبدأ حملته القذرة للقضاء على المسلمين والإسلام, ليكون هو الإله الواحد, إله اليهود المنتصر.

وقد أعطى الله تعالى هذا الكافر الكذَّاب من الأسلحة ما لا يبقى أمامه إلا المؤمن المستقيم, فقد أقدره الله تعالى على أشياء من خوارق العادات فإن قلت: لِمَ يعطه الله هذه القدرة على خوارق العادات مع أنه كافر؟
والجواب يأتيك: إن هذا من باب الاستدراج لهذا الكافر, فإن الله تعالى يعطي الكافر والفاسق, ويعطيه ويعطيه, حتى إذا أخذه لم يفلته.

وفي نفس الوقت هذا الأمر لامتحان المؤمنين, واختبارهم: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوا أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31].
{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [2] وَلَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2,3]


{ وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ[141] أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنُْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [ آل عمران: 141,142]

وهذا كله يرجع إلى اختلاف المرئي بالنسبة إلى الرائي, فإما أن يكون الدجَّال ساحراً فيخيل الشيء بصورة عكسية, وإما أن يجعل الله باطن الجنة التي يسخرها الدجَّال ناراً, وباطن النار جنة- وهذا الراجح- وإما أن يكون ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة, وعن المحنة والنقمة بالنار, فمن أطاعه فأنعم عليه بجنته يؤول أمره إلى دخول نار الآخرة, وبالعكس.

ويحتمل أن يكون ذلك من جملة المحنة, والفتنة فيرى الناظر إلى ذلك من دهشته النار فيظنها جنة, والعكس.
ويبعث مع الدجَّال شياطين تؤيده, وتنصره, وتفتن الناس, ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يبعث الله معه شياطين تكلم الناس).
وفي الحديث: ( وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم, فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بُني! اتبعه فإنه ربك).

يا الله...

ومن خطورة فتنته أنه يُبرئ الأكمه, والأبرص, ويحيي الموتى, يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ( إنه يُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى).

وعن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج الدجَّال في خفقة من الدين, وإدبار من العلم, وله أربعون ليلة يسبحها في الأرض اليوم منها كالسنة, واليوم منها كالشهر, واليوم منها كالجمعة , ثم سائر أيامه كأيامكم هذه, وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً, فيقول للناس: أنا ربكم, وهو أعور, وإن ربكم ليس بأعور, ومكتوب بين عينيه كافر. مُهَجَّاة يقرؤه كل مؤمن كاتب, وغير كاتب يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة, وحرمهما الله عليه, وقامت الملائكة بأبوابها. ومعه جبال من خبز, والناس في جهد إلا من تبعه, ومعه نهران أنا أعلم بهما منه, نهر يقول: الجنة, ونهر يقول: النار, فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهو النار, ومن أدخل الذي يسميه النار فهو الجنة, قال: ويبعث الله معه شياطين تكلم الناس, ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس, ويقتل نفساً ثم يحييها فيما يرى الناس, لا يسلط على غيرها من الناس, ويقول: أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب عز وجل قال: فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام فيأتيهم فيحاصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهداً شديداً ثم ينزل عيسى ابن مريم- فينادي من السحر فيقول: يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث, فيقولون: هذا رجل جنّي فينطلقون, فإذا هم بعيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم, فتقام الصلاة فيقال له: تقدم يا روح الله, فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه, قال: فحين يرى الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء فيمشي إليه فيقتله حتى إن الشجر والحجر ينادي: يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله).
[مهجَّاة: أي مكتوب ك ف ر]

-         ومعه جبل خبز: كما في حديث المغيرة رضي الله عنه: ( أنَّ معه جبال خبز, ولحم, ونهر من ماء).
-         ويأمر النهر فيطيعه: ففي حديث كعب الأحبار: ( أنَّ الدجَّال يأتي على النهر فيأمره أن يسيل فيسيل, ثمَّ يأمره أن يرجع فيرجع, ثمَّ يأمره أن ييبس فييبس).
بل إنك لتعجب العجب العُجاب إذا ما علمت أن السماء تنفذ أمره, وأن الأرض تقيم طلبه, والسحاب يطيعه, ويُعطى من القدرة أن يجعل الغني فقيراً, والفقير غنيًّا, والضعيف قويًّا, والقوي ضعيفاً, والمريض سليماً, والسليم مريضاً.

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214].

فهل تثبت أمام الدجَّال أم ترتد القهقرى, وترجع عن دينك؟ سل نفسك هذا السؤال, ونسأل الله تعالى ألا نشهد هذه الأيام..

أسلحة الدجَّال:
يظهر الدجَّال بالمشرق فيُعطى الخلافة, ثم يظهر السحر, ثم يدعي النبوة فتتفرق الناس عنه, فيأتي النهر فيأمره أن يسيل إليه فيسيل, ثم يأمره أن يرجع فيرجع, ثم يأمره أن ييبس فييبس, ويأمر جبل الطور, وجبل زيتا أن ينتطحا فينتطحا, ويأمر الريح أن تثير سحاباً من البحر فتمطر الأرض, ويخوض في البحر في يوم ثلاث خوضات فلا يبلغ حقويه, وإحدى يديه أطول من الأخرى فيمد الطويلة في البحر فتبلغ قعره فيخرج من الحيتان ما يريد, ومع الدجَّال نار وجنَّة, فالجنة نار, والنار جنة!!
[حقويه: الحقو معقد الإزار من الجسد" وسط الإنسان"]

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا أعلم بما مع الدجَّال منه, معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض, والآخر رأي العين نار تتأجج, فإما أدركن أحد فليأت الذي يراه ناراً وليُغمض, ثم ليُطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد).

وفي الحديث أن يجيء, ومعه مثل الجنة والنار, فالتي يقول: إنها الجنة هي النار.

وفي الحديث الصحيح: (إن معه ماءً وناراً, فناره ماء بارد, وماؤه نار فلا تهلكوا).

ورد في الحديث: ( تمسك السماء قطرها- أي مطرها- كله في السنة الثالثة والأرض نباتها كله, ولا تبقى ذات ظلف ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلكت, وإن من أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلك ألست تعلم أني ربك؟ قال. فيقول: بلى, فتمثل له الشيطان نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعها وأعظمه أسنمة, قال: ويأتي الرجل قد مات أبوه ومات أخوه فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأحييت لك أخاك ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى).

وجاء في الحديث الصيح: ( يأتي القوم فيدعوهم فيؤمنون به, ويستجيبون له, فيأمر السماء فتمطر, والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذري, وأسبغه ضروعاً, وأمده خواصر, ثم يأتي على القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم, ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل..)
[فتروح: أي ترجع, سارحتهم: أموالهم السائحة من إبل وبقر وغنم, ذري: أعالي الأسنمة والسنام أعلى الإبل, أسبغه ضروعاً: أطوله لكثرة اللبن, أمده خواصر: خواصرها ممتلئة من الشبع, فيدعوهم: يدعوهم للإيمان به, فيردون عليه قوله: يرفضون مبايعته ومتابعته, ممحلين: المُحل الجدب والقحط, الخربة: الموضع الخراب, اليعسوب: ذكر النحل والمقصود جماعة النحل]

وانظر إلى هذا المشهد الخطير من أفلام الدجَّال. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يخرج الدجَّال فيتوجه قِبله (ناحيته) رجلٌ من المؤمنين فتلقاه المسالح- مسالح الدجَّال- فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج, قال: فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء, فيقولون: اقتلوه, فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟! قال: فينطلقون به إلى الدجَّال فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس! هذا الدجَّال الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فيأمر الدجَّال به فيشبح, فيقولون: خذوه, وشجوه فيوسع ظهره, وبطنه ضرباً, قال: فيقول: أو ما تؤمن بي؟ قال, فيقول أنت المسيح الكذاب, قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرفه حتى يفرق بين رجليه, قال: ثم يمشي الدجَّال بين القطعتين ثم يقول: قم, فيستوي قائماً, قال ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة, ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس فيأخذه الدجَّال ليذبحه, فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نُحاساً فلا يستطيع إليه سبيلاً, فيأخذه بيده, ورجليه فيقذف به, فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار, وإنما ألقي في الجنة), قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين).
[المسالح: جنود معهم سلاح, يشبح: يُمد على بطنه, شجُّوه: اجرحوه في وجهه وفي رأسه, يؤشر بالمئشار: ينشر بالمنشار, حتى يفرق: وسط رأسه, الترقوة: العظم الذي بين ثغرة النحر والعنق" أعلى عظام الصدر", نحاساً: أي يجعل الله رقبته نحاساً, فلا يستطيع: أي الدجَّال]

د/مصطفى مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة