قهوتي و كتابي

مُلك المهدي


والمهدي يملك سبع سنين إن قصر وتسع إن طال زمانه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يكون في أمتي المهدي, إن قَصُر فسبع, وإلا فتسع, فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط: تؤتي أكلها, ولا تدخر منهم شيئاً, والمال يومئذ كُدُوس فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول: خذ )
[تؤتي أكلها: أي تعطي ثمارها ولا تمنع شيئاً, كُدُوس: أي كثير]

وفي الحديث الصحيح: ( لتملأن الأرض جوراً وظلماً. فإذا ملئت جوراً وظلماً يبعث الله رجلاً مني, اسمه اسمي. واسم أبيه اسم أبي, فيملؤها عدلاً وقسطاً, كما ملئت جوراً وظلماً, فلا تمنع السماء شيئاً من قطرها, ولا الأرض شيئاً من نباتها, يمكث فيكم سبعاً, أو ثمانياً, فإن أكثر فتسعاً )
والمهدي يُقسِّم المال ولا يعدُّه, قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( يكون في آخر الزمان خليفة يُقسِّم المال ولا يَعُدُّه ).
بعد أن يظهر المهدي ويطالب الناس بالبيعة له, يلجأ إلى الكعبة المشرفة, فينصره قوم من المسلمين ليست لهم منعة ولا عدد ولا عُدَّة, وبينما المهدي يبايع إذا بقوم من المسلمين (لعلهم بعض الأمراض الخائفين على زوال سلطانهم, أو الشيعة) قد علموا بالأمر فيجيئون إلى المهدي وأتباعه ليقاتلوهم حتى إذا اقتربوا منهم خسف الله بهم الأرض- أي انشقت وابتلعتهم- ولا ينجو إلا الشريد وهو رجل, أو رجلان يخبران الناس (المهدي وأنصاره) عن الخسف الذي أصاب الجيش وألم به.


جاءت ألفاظ الأحاديث تصف حالة الخسف بالجيش كأنك تراه, فبينما الجيش يقصد المهدي على جناح السرعة, إذا بكتيبة القلب قد خُسِف بهم فاختفت عن آخرها وغاصت في الأرض فلم يبقَ لها أثر ولا عين, فيطير صواب باقي الجيش ويتملكه الرعب والخوف, وينادي بعضهم بعضاً, فتنادي كتيبة المقدمة كتيبة المؤخرة, فيأتيهم العذاب قبل الجواب ويسبق الخسف رد التناد ويتجلجل الجميع في باطن الأرض ولا ينجو إلا رجل, أو رجلان, أو أكثر يخبرون المهدي بالخبر.

* وإليك الأدلة من أحاديث سيد البشر صلى الله عليه وسلم:
عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: عَبَثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه, فقلنا: يا رسول الله, صنعت شيئاً في منامك لم تكن تفعله, فقال: ( العَجَب أن ناساً من أمتي يؤمون البيت, لرجل من قريش قد لجأ بالبيت, حتى إذا كانوا بالبيداء, خُسِف بهم), فقلنا: يا رسول الله إنَّ الطريق قد يجمع الناس قال: ( نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى يبعثون على نياتهم ), وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسِف بهم )
[عَبث: أي تحرك جسمه الشريف أو حرَّك أطرافه, يؤمون: أي يقصدون, البيداء: الصحراء]

وقال في هذا المعنى: ( سيعوذ بهذا البيت قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عُدَّة يبعث إليهم جيش, حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خُسِف بهم ).
وقال: ( ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم, ثمَّ يخسف بهم فلا يبقى إلا الشريد الذي يُخبر عنهم ).
فإن قيل: كيف اجتمع هذا الجيش- وهم مسلمون- لمقاتلة المهدي؟
قلت: إنَّ الحديث أشار إلى أن هذا الجيش الخارج للقتال منه المستبصر العارف بحقيقة الأمر, القاصد للقتال, وهذا مأزور, ومنه المجبور المكره على القتال, وهذا ذنبه مغفور, ومنه ابن السبيل الذي يتصادف وجوده عند القتال, وهذا معفو عنه وكل سيبعث على نيته.
فإن قيل: كيف يقع هذا الخسف مع ما ورد في الأحاديث النبوية عن نفي الخسف عن هذه الأمة؟ قلت: ما ورد في الأحاديث ليس فيه نفي الخسف الخاص وإنما فيه نفي الخسف العام قال: صلى الله عليه وسلم: ( سألت ربي ثلاثاً, فأعطاني اثنتين, ومنعني واحدة, سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة فأعطانيها, وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها, وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ) فهذا, كما ترى فيه نفي الخسف العام بالأمة جميعها, أما خسف الأرض ببعض المسلمين, أو خسف بعض البلدان الإسلامية فهذا قد وقع بعضه فيما قيل وسيقع بعضه ببعض العاكفين على الخمر والطرب.

د/مصطفى مراد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة