كيف تعرف ما هي
حياتك الحقيقية؟ و ما هو هدفك الوحي ؟ وكيف تعرف كيفية تحقيق هذا الهدف ؟
ومسؤوليتك أن تجيب على هذه الأسئلة... ولكن عليك أن تنتزع هذه الإجابات انتزاعاً و
لا تنتظر أن تأتيك الإجابة من غيرك.
و من الأشياء
التي تساعدك على معرفة ما إذا كنت تحيا حياة حقيقية أم لا هي مدى خوفك من الموت.
هل تخاف كثيراً
من الموت أو قليلاً أو لا تخاف مطلقاً ؟
و قد كتب
"ديفيد فيسكوت" قائلاً: ( عندما تقول إنك تخاف الموت , فأنت إنما تقول
إنك خائف من أنك لم تعش حياة حقيقية , وهذا الخوف يغطي العالم بمعاناة صامتة.)
وعندما نصح عالم
الأساطير "جوزيف كامبيل" بأن نسير وراء سعادتنا أساء الكثير فهمه , فقد
فهموا أنه يعني أن نصبح سعاة سعادة , أنانيين مؤمنين بمذذهب المتعة , من جيل الأنا
, و الحق أنه كان يعني أنه لكي تعرف ما يمكن أن تكون عليه الحياة الحقيقية , فعليك
أن تبحث عن مؤشرات في أي شيء يجعلك سعيداً.
ما الذي يجعلك
سعيداً ؟ في إجابة هذا السؤال ستكتشف أين يمكنك أن تكون أكثر خدمة للناس , فلن
تستطيع أن تعيش حياتك الحقيقية إذا لم تخدم الناس , ولن تستطيع خدمة الناس كما
ينبغي إن لم تبتعد بما تعمل .
ما الذي يجعلك
سعيداً ؟ (أعرف أنني سألت هذا السؤال , ولكن الخوف الذي يغطي العالم بمعاناة صامتة
إنما يأتي من عدم طرح مثل هذا السؤال مرات كافية. )
و قد اكتشف
أخيراً في حياتي المهنية أن التدريس يجعلني سعيداً وكذلك التأليف والتمثيل, وقد
استغرق الأمر مني سنوات عديدة من عدم السعادة حتى وصلت في النهاية إلى نقطة اليأس
التي لا بد منها لطرح هذا السؤال ( ما الذي يجعلني سعيداً ؟ )
و قد كنت المدير
الإبداعي لإحدى وكالات الإعلان و كنت أكسب قدراً كبيراً من المال من إنتاج
الإعلانات , ومقابلة الزبائن , ووضع استراتيجيات التسويق , و كان بإمكاني أن أقوم
بهذا النوع من العمل طوال الحياة ولكن خوفي الفظيع من الموت كان مؤشر على أنني لا
أعيش حياتي الحقيقية.
و قد كتب
"أنيس نين" قائلاً: ( إن من يعيش حياة عميقة لا يخاف من الموت و لم أكن
أنا أحيا هذه الحياة , و قد استغرق الأمر مني طويلاً حتى وصلت لإجابة واضحة لسؤالي
) ما الذي يجعلني سعيداً ؟ و لكن كل سؤال نسأله لأنفسنا كثيراً بما فيه الكفاية
سوف يثمر في النهاية عن الإجابة الصحيحة و المشكلة هي أن تتوقف عن طرح السؤال.
ولحسن حظي ,
فإنني لم أتوقف عن طرح هذا السؤال و ظللت مثابراً رغم المشقة البالغة التي عانيتها
و هذه من المرات القليلة التي كان لديّ فيها هذا القدر من المثابرة , و قد جاءتني
الإجابة في شكل ذكرى – و كانت واضحة للغاية حتى كأنها مشهد سينمائي – فقد كنت أقود
سيارتي مساءً منذ عشر سنوات وكنت سعيداً كما لم أكن من قبل و أصبحت أتجول بلا هدف
بحيث أستطيع أن أحافظ على شعوري بالسعادة داخل هذه السيارة فلم أرد أن يقطع أي شيء
سعادتي و كنت فخوراً للغاية أن هذه السعادة استمرت لساعات .
و كانت المناسبة
كلمة كنت ألقيتها على التو وموضوعها شفائي من الإدمان والليلة التي تكلمت فيها كنت
أعاني من حمى شديدة و خوف بالغ من الحديث أمام جمع حتى أنني حاولت أن ألغي هذه
الكلمة و لكن المضيفين لم يستجيبوا لي.
و بشكل أو بآخر
وصلت إلى المنصة و ربما بسبب شدة الحمى و الإنفلونزا تكلمت بحرية دون حذر أو خجل .
و كلما تحدثت عن
التحرر و الإدمان ازددت سعادة , و ارتفعت درجة إبداعي و أذكر أن الجمهور كان يضحك
و هو يستمع لي و أذكرهم و هم يقفون على أرجلهم يهتفون لي بعد أن انتهيت , لقد كانت أكثر ليلة
مشهودة في حياتي , فقد وصلت للناس بشكل لم أصل به إليهم من قبل و رفعني تعبيرهم عن
سعادتهم إلى أعلى و أعلى من ذي قبل.
لقد كانت هذه
الذكرى في تلك الليلة المقمرة و انا أقود سيارتي و التي عادت إليّ بعد عشر سنين و
بعد ان قضيت أسابيع و انا أكرر على نفسي سؤال ( ما الذي يجعلني سعيداً ) و وقتها أصبحت
لدي الذكرى و لكن لم يكن لدي فكرة بكيفية التصرف على أساسها و لكنني على الأقل
عرفت ما هي حياتي الحقيقية و أدركت أنني ما عشتها .
و بعد ذلك و في
يوم ما سألني أحد كبار الزبائن العاملين في مجال الإعلان أن أستأجر له أحد
المتحدثين التحفيزيين الجيدين, وذلك ليلقي كلمة في اجتماع إفطار كبير عقدوه
للعاملين في قسم المبيعات لديهم , و لم أعرف من هؤلاء أحداً جيداً في
"أريزونا" , فالمتحدثين التحفيزيين الذين كنت أعرفهم كانوا هم المعروفين
علة مستوى البلاد , و الذين استمعت لشرائطهم كثيراً في سيارتي و من هؤلاء "واين
داير" و "توم بيترز" و "انتوني روبتر" و "آلان
واتس" ولكن "آلان واتس" وافته المنية وقتها و الباقون ربما كانوا
سيكلفوننا الكثير بالنسبة لإفطارنا الصغير.
و لذلك اتصلت بـ
"كيرك نيلسون" و هو أحد أصدقائي يعمل مديراً للمبيعات بإحدى المؤسسات و طلبت منه النصح, فقال لي: ( إن
الشخص الوحيد في "أريزونا" الجدير بأن تستأجره هو "دينيس
ديتون" فهو يتكلم في جميع أنحاء البلاد و هو محجوز دائماً ولكن إذا استطعت
الوصول إليه فافعل لأنه شخص عظيم )
و أخيراً وصلت لـ
"ديتون" حيث كان يعقد ندوات عن إدارة الوقت, ووافق على أن يعود إلى
"فينكس" لحضور إفطارنا و إلقاء كلمة تحفيزية طولها 45 دقيقة.
وصدق "كيرك
نيلسون" , فلقد كان "ديون" رائعاً , فسحر مستمعيه وهو يقص القصص
التي توضح أفكاره عن سلطة الناس على أفكارهم و مدى ما يمكن أن يحققوه من سيطرة على
تفكيرهم , وعندما انتهى من حديثه و عاد إلى المائدة التي نجلس عليها صافحته و
شكرته و أخذت على نفسي أنني سأعمل مع هذا الرجل في وقت قريب.
و لم يمض وقت
طويل حتى عملنا معاً و كان ذلك في شركة تسمى "كيوماليرتنج" و التي كان
مقرها "فينك" و كان "ديتون" يقدم من خلالها التدريب للمؤسسات
و بالرغم من أنني بدأت في هذه الشركة كمدير تسويق – لوضع الإعلانات و نصوص الفيديو
و إعلانات البريد المباشر – فإنني أخذت طريقي سريعاً حتى أصبحت مقدم ندوات.
و كانت فرحتي
الأولى عندما دعيت أنا و "ديتون" للحديث في مؤتمر قومي لشركات تنظيف
السجاد , حيث أن هذه هي المرة الأولى التي أشاركه فيها المنصة و كان مقرراً أن
أبدأ أنا قبله , و أثناء إلقاء كلمتي كان هو يجلس بين الجمهور و أجد أنه لزاماً
عليّ أن أعترف باجتهادي في الإعداد لهذا الحدث كما لم أجتهد في عمل آخر.
و كان المشاركون
قد استمعوا لـ "ديتون" من قبل في مؤتمرات عديدة وأحبوه و لكنهم لم
يكونوا قد استمعوا إليَّ من قبل و بعد أن انتهيت من كلمتي صفق الجمهور لي بحماس و
عندما مر بي "دينيس ديتون" و هو في طريقه إلى المنصة كان يشع فخراً و هو
يصافحني ( و خلافاً بي فإن "ديتون" كان لديه غيرة مهنية بسيطة للغاية من
المتحدثين الآخرين ) و لذلك كان سعيداً بنجاحي وعليّ أن أعترف أن أفضل لحظة في ذلك
المؤتمر كانت عندما تم تقديم "ديتون" و صاح أحد الحضور ساخراً (
"دينيس" من؟؟.)
ويختلط الأمر على
الكثير فيعتقدون معنى أن يعيشوا حياتهم الحقيقية أن يكونوا محظوظين و أن يجدوا
وظيفة مناسبة في مكان يقدر فيه المدير الآخرين وما أدركته بعد ذلك هو أنك تستطيع
أن تعيش حياتك الحقيقية في أي مكان و في أي عمل و مع أي مدير.
ابدأ أولاً
بمعرفة ما الذي يجعلك سعيداً؟ ثم افعله , فإذا كان التأليف يسعدك و كنت لا تعمل
مؤلفاً , فابدأ في كتابة مجلة للشركة , أو في كتابة موقعك على الإنترنت , و عندما
أدركت للمرة الأولى أن إلقاء الكلمات و التدريس يجعلني سعيداً بدأت في ورشة عمل
أسبوعية حرة و لم أنتظر أن يقدم لي أحد شيئاً.
وأياً كان هدفك
فيمكنك أن تحققه بسرعة و تزيد عشر مرات عما اعتدت و ذلك إذا كنت سعيداً و أثناء
التدريب أو الإشارة في مجال المبيعات ألاحظ ان مندوب المبيعات السعيد يبيع أكثر من
غير السعيد بمرتين على الأقل , ومعظم الناس يعتقدون أن مندوب المبيعات الناجح سعيد
لأنه يبيع أكثر و يكسب أكثر , و ليس هذا صحيحاً فهو يبيع أكثر و يكسب أكثر لأنه
سعيد .
يقول "جي دي
سالينجر" على لسان إحدى شخصياته ( هذه السعادة شيء قوي ) فالسعادة هي أقوى
شيء في العالم فهي تبعث الحيوية أكثر من كوب القهوة الساخن في صباح بارد و هي أكثر تنشيطاً للذهن
من جرعة من مادة حمضية وهي تُشعر بنشوة أكثر من أي مسكر تشربه تحت ضوء النجوم.
فإذا رفضت أن
تغرس السعادة في نفسك فلن تكون ذا إفادة كبيرة للناس و لن تكون لديك الطاقة لتصبح
من تريد و ليس هناك هدف أفضل من الهدف التالي:
أن تعرف و أنت
ترقد على فراش الموت أنك عشت حياتك حقاً لأنك فعلت ما جعلك سعيداً.
ستيف تشاندلر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة