قهوتي و كتابي

دع المخ كله يلعب



تقل معدلات الانتحار خلال الحروب لان الكثير من الناس يبدأون في الشعور بالأهمية و ان هناك تحديات تواجههم مرات كافية خلال اليوم , وهذا بدوره يشجعنا على استخدام كلا جانبي المخ بشكل متناغم. أما خلال الأوقات التي لا تزخر بكثير من الأحداث يميل الناس إلى استخدام جانب واحد من المخ و يقعون في مخ الشعور بعدم الأهمية.

و الكثير من الناس ينتظرون بشكل لا شعوري حدوث الأزمات و ذلك كحدوث إفلاس وشيك أو هجوم على الشارع أو احتراق منزلهم على غر رغبتهم أو حرب و ذلك حتى يفكروا بكل عقلهم.

أما سوء الاستخدام السلبي للمخ فيؤدي إلى حياة تعتمد على رد الفعل لا المبادرة, و عندما قال "أوليفر هولمز" ( يذهب معظم الناس إلى قبورهم و ما زالت موسيقاهم داخلهم ) كان يمكنه أن يقول بسهولة أن معظم الناس يعيشون في عقلهم الأيمن فقط , و عندما قال "ثوريو" ( يعيش معظم الرجال حياة اليأس التام ) , إنما كان يصف شكل الحياة إذا ظللت مقيداً في شرك التفكير الأيسر المنظم القصير النظر.


و الغريب أن العقل الأيمن نال سمعة سلبية أكثر مما ينبغي لا لشيء إلا لأن الناس يظلون محبوسين بداخله , وحينما يعرف الناس أن العقل الأيسر إنما وجد ليتصل بالعقل الأيمن هنا يتطلع العقل إلى سلطة ووظيفة جديدة . أما عندما يظل المرء محبوساً داخل العقل الأيسر ذي التفكير المنطقي المنظم والسطحي و لا يعمد أبداً إلى تنشيط الجانب الأيسر المبدع من العقل فإنه بذلك يفقد حبه للحياة , و العقل الأيمن ينشط ليلاً أثناء الحلم في الوقت الذي يكون فيه العقل الأيسر نائماً , ومع هذا فمن الممكن ( ويشهد لذلك الفنانون والشعراء والأذكياء) أن تجعل العقلين يتفاعلان معاً كما كنا نفعل و نحن أطفال , وذلك أثناء اليقظة , و ما علينا إلا ان نديره من خلال استخدام العقل الأيسر في استدعاء العقل الأيمن , و هذا هو ما يحدث عندما نجامع , أو نلعب ألعاباً أو نكتب شعراً أو نحتضن رضيعاً أو نواجه أزمة وشيكة , حيث يطلب العقل الأيسر من العقل الأيمن أن ينشط و يتدخل , بهذا تحصل على تفكير العقل كله , أو ما يسميه عالم النفس "ابراهام مالسو" خبرات الذروة.

و أفضل ثلاث طرق لتنشيط تفكير جانبي العقل هي:

1)    تخيل الهدف.
2)    العمل الممتع
3)    اللعب المنشط.

و بدلاً من أن تنتظر حدوث أزمة خارجية , اصنع لنفسك تحديات داخلية – أهدافاً و غايات – تجعلك تنمو إلى أن تصبح الشخص المتحفز الذي تريد ان تكونه.

و الإثارة الحقيقية في الدراسات المرتبطة بقوة العقل الأيمن إنما تكمن في إشارة هذه الدراسات إلى وجود أساس عصبي للتحول الذاتي , و نحن حينما نقول إننا نتمتع بطاقة إبداعية غير محدودة  وإن بإمكاننا أن نستخدمها لنصنع الحياة التي نريدها فليس هذا مجرد شطحة تحفيزية أو تبشير علمي.

و كتب "كولين ويلسون" قائلاً: ( في الحقيقة بإمكان كلٍّ منا أن يحيا و هو يتمتع بمستوى عال من السلطة , و هذه هي وظيفة العقل الأيسر , فبُعد نظره يعطيه القدرة على أن يحوز هذه السلطة و مع هذا فقلما يستفيد هذا العقل من هذه القدرة و يمكن تشبيهه بشخص لديه آلة سحرية يمكنها ان تصنع عملات ذهبية , بحيث يمكنه لو أراد أن يدفع الدين القومي ويزيل الفقر من البلاد و لكنه كسول و غبي لدرجة تجعله لا يأبه بصنع أكثر من عملتين يومياً , بما يكفي حاجته حتى المساء. . أو انه قد لا يكون كسولاً ولكنه يخشى من أن تفرغ الآلة , وإذا كان كذلك فإن الخوف لا داعي له لانها  آلة سحرية لا يمكن تفريغها .

و معظم الناس ينظرون إلى عقلهم الأيمن من التعجب , و هم يعتقدون أن الأفكار الإبداعية ( جاءتهم على نحو غير متوقع و مفاجئ ) حيث يقولون ( الليلة الماضية حلمت بأغرب حلم ) و هم لا يعرفون مدى قدرتهم الهائلة على السيطرة على الآلة السحرية.

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة