قهوتي و كتابي

نظم لعبة



يقال أن مبدأ والد الرئيس "كينيدي" كان ( لا تغضب و إنما اقتص )

هذا المبدأ يحمل في طياته فكرة أساسية رائعة و إن كانت انتقامية , و لكن يمكنك أن تضيف إلى هذا المبدأ قائلاً ( لا تنتقم بل أحسن )

عندما كان "ميشال جوردان" في الصف الثاني ثانوي , استبعد من فريق كرة السلة في مدرسته , و أخبره مدربه بأنه لم يكن كفء للعب مع الفريق , و كان هذا صدمة قاسية لصبي صغير تعلق قلبه بأن يكون ضمن تشكيلة الفريق , و لكنه استفاد من الحادثة , فلم بغضب و لم ينتقم و إنما تحسن .

كلنا له لحظاته التي يخبره فيها الناس أو يلمحون له بأنهم لا يتقدون أنه كفء , و أنهم لا يؤمنون به و رد الفعل الشائع هو الغضب أو الإستياء فأحياناً ما يدفعنا هذا إلى الانتقام أو القصاص أو إلى إثبات خطأ الشخص الآخر و لكن هناك طريقة أفضل للرد و هي طريقة إبداعية و ليست تفاعلية .


و ما يضعنا على طريق الإبداع هو أن نسأل أنفسنا : ( كيف يمكنني أن أستفيد من هذا ؟ ) فهذا من شأنه أن يحول الغضب إلى طاقة تفاؤلية بحيث يمكننا أن نفوق توقعات الآخرين لنا .

و قد أدرك لاعب البيسبول "جوني بينش" كيف يكون الأمر حينما لا يؤمن الآخرون بك .

و يقول : ( في الصف الثاني سألوني ماذا تريد أن تكون ؟ فقلت : لاعب بيسبول , فضحكوا , و في الصف الثامن سألوا نفس السؤال و أجبت بنفس الإجابة فضحكوا أكثر و في الصف الحادي عشر لم يضحك أحد . )

و قد مرت بلادنا بفترة عصيبة منذ الحرب العالمية الأولى , فلم نعد نقيم الأبطال , و الإنجاز الفردي كما كنا من قبل , و أصبحت كلمة منافسة كلمة سيئة , لو لأنها وجهت بحماسة يمكن أن تكون أعظم خبر تحفيز ذاتي في العالم .

و أعتقد أن ما يخافه الناس من فكرة المنافسة , أنه سيصبح لديهم هاجس النجاح على حساب شخص آخر , و أننا سنحصل على قدر هائل من السعادة بهزيمتنا لشخص آخر و كوننا أفضل منه و كثيراً ما أتحدث مع مدرسي أبنائي فأجدهم يخبرونني بأن المدرسة تقوم دائماً بحذف التقديرات و الجوائز من بعض الأنشطة بحيث لا يشعر الأطفال بأن عليهم أن يقارنوا أنفسهم ببعضهم البعض , و تشعر هذه المدارس بالفخر من قيامها ( بتيسير البرامج التعليمية بحيث يكون هناك قليل من الضغط و المنافسة و لكن ما يفعلونه ليس تيسيراً للبرامج و إنما تيسير للأطفال . )

فإذا كنت تهتم بالتحفيز أو الخلق الذاتي بحيث تصبح أفضل ما تكون فليس هنا ما هو أفضل من المنافسة فهي تعلمك الدرس الهام أنه بغض النظر عن مستواك فهناك دائماً من هو أفضل منك فهذا هو درس التواضع الذي نحتاجه و هو الدرس الذي يحاول هؤلاء المدرسون خطأ أن يعلموه من خلال إلغاء الدرجات .

فالمنافسة تعلمك أنه من خلال محاولة هزيمة شخص آخر فإنك تصل إلى حد بعيد داخل نفسك , كما أن هذا يعيد الروح للعبة و لو أن هذه المنافسة تمت بشكل تفاؤلي فإنها ستعطي الطاقة لكلا المنافسين . كما أن المنافسة تعلم الروح الرياضية و تعطيك معياراً تقيس به حجم نموك .

و كان الشاعر "ويليام بالتر" عادة ما يستهزئ بالتعريفات الكثيرة التي وضعها الناس للسعادة و لم تكن السعادة أي شيء من هذه التعريفات و ذلك طبقاً لرأي "بالتر"

و يقول : ( السعادة ما هي إلا شيء واحد و هو النمو فنحن نسعد عندما ننمو.)

و المنافس الجيد هو الذي يجعلك تنمو و يجعلك تكبر فوق مستوى مهاراتك السابقة , فإذا كنت تريد أن تتحسن في الشطرنج فالعب ضد شخص أفضل منك في هذه اللعبة ففي فيلم ( البحث عن بوب فيشر ) نرى التأثيرات السلبية لمقاومة المنافسة , و ذلك على أحد عباقرة الشطرنج الشباب , و ذلك إلى أن يبدأ في الاستفادة من المنافسة في تنمية نفسه , و بمجرد أن يتوقف عن النظر إلى المنافسة بشكل شخصي تصبح اللعبة نفسها مصدر طاقة له و بمجرد أن نغتنم ما في المنافسة من متعة شديدة فإنه يتحسن أكثر و أكثر كلاعب و ينمو كشخص .

و قد ذكرت من قبل أنني سمعت تقريراً في الراديو يشير إلى أن هناك مؤسسة لدوري كرة البيسبول للناشئين في مكان ما في "بينسلفينيا" و قررت أن لا تحسب الأهداف في مبارياتها لأن الخسارة قد تدمر تقدير الذات لدى اللاعب و قد اخطأوا في ذلك , فالخسارة تعلم الأطفال الصمود في مواجهة الهزيمة , كما أنها تعلمهم ن الخسارة لا تعني أنك قد انتهيت أو أصبحت عديم الفائدة فالخسارة ما هي إلا الوجه الآخر للفوز فلو أننا علمنا الأطفال الخوف من المنافسة بسبب احتمالات الهزيمة فإننا بهذا نقلل من تقديرهم لذاتهم .

نافس حيث استطعت و لكن نافس بروح المتعة و أنت تعرف أن التفوق في النهاية على شخص آخر أقل بكثير في أهميته من تفوقك على نفسك .

فلو أنك أفضل مني في لعبة ما فعندما ألعب ضدك و أحاول أن أهزمك فلست أنت في الحقيقة هو من أريد هزيمته فالذي أهزمه حقاً هو أنا القديم , لأن أنا القديم لم يستطع هزيمتك .

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة