هذه العلامة هي أولى العلامات
الكبرى التي تعلن تغير أحوال العالم العلوي, وبعدها تتوالى العلامات, وتسرع
إسراعاً.
وقصة هذه العلامة على النحو
التالي:
_ إن الشمس منذ خلق الله
السموات والأرض لها نظام تسير عليها لا تخالفه أبداً, تطلع من المشرق, وتغرب من
الغرب, وعادتها أنها تستأذن يوميًّا في الشروق والغروب حتى إذا جاء هذا اليوم
الموعود فتذهب تستأذن في الطلوع من مشرقها فلا يؤذن لها.
يقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( أتدرون أين تذهب هذه الشمس, إنَّ هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت
العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي, ارجعي من حيث جئت, فترجع
فتصبح طالعة من مطلعها, ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا
تزال كذلك حتى يقال لها: ارجعي من حيث جئت. فترجع فتصبح طالعة من مطلعها, ثم تجري
لا يستنكر الناس منها شيئاً حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها:
ارتفعي اصبحي طالعة من مغربك. فتصبح طالعة من مغربها. أتدرون متى ذاكم؟ حين لا
ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل, أو كسبت في إيمانها خيراً).
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم هذه, فإذا كان ذاك يعرفها
المتنفلون, يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام, فبينما هم
كذلك صاح الناس بعضهم في بعض, فقالوا: ما هذا؟ فيفزعون إلى المساجد فإذا هم بالشمس
قد طلعت من مغربها حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت).
وفي حديث ابن مسعود رضي الله
عنه: (... وينادي الرجل تلك الليلة جاره يا فلان ما شأننا الليلة! لقد نمت حتى
شبعت, وصليت حتى أعييت, ثم يقال لها اطلعي من حيث غربت, وذلك يوم لا ينفع نفساً
إيمانها لم تكن آمنت من قبل, أو كسبت في إيمانها خيراً ).
وهذا الطلوع العكسي للشمس إنما
يكون يوماً واحداً, فإذا انتهى هذا اليوم عادت الشمس إلى نظامها المعتاد.
ففي حديث ابن عباس رضي الله
عنهما: قال أبيّ بن كعب- رضي الله عنه- فكيف بالشمس والناس بعد ذلك؟ قال: (
تكسى الشمس الضوء, وتطلع كما كانت تطلع, وتقبل الناس على الدنيا فلو نتج رجل
مُهراً لم يركبه حتى تقوم الساعة).
وعندما تطلع الشمس من مغربها لا
ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل, أو كسبت في إيمانها خيراً.
يقول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار
ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها).
وعن صفوان بن عسَّال رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب يوم القيامة, فما
يزال يحدثنا حتى ذكر باباً من المغرب مسيرة عرضه, أو يسير الراكب في عرضه أربعين,
أو سبعين عاماً.. قبل الشام, خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض مفتوحاً
للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه).
قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها, فإذا طلعت من مغربها ورآها
الناس آمنوا جميعاً, فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل).
قال العلماء: وإنما لا ينفع
نفساً إيمانها عند طلوعها من مغربها؛ لأنه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كل
شهوة من شهوات النفس, وتفتر كل قوة من قوى البدن, فيصير الناس كلهم لإيقانهم بدنو
القيامة في حال من حضره الموت في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم, وبطلانها
من أبدانهم, فمن تاب في مثل هذه الحال لم تقبل توبته, كما لا تقبل توبة من حضره
الموت.
فما الحكمة من طلوع الشمس من
مغربها؟ قيل: إن الحكمة من طلوع الشمس من مغربها أن إبراهيم- عليه السلام- قال
لنمرود: { فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا
مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة:258].
وإن الملحدين والمنجمين عن
آخرهم ينكرون ذلك, ويقولون: هو غير كائن فيطلعها الله تعالى يوماً من المغرب ليرى
المنكرين لذلك قدرته من أن الشمس من قدرته إن شاء أطلعها من المشرق, وإن شاء
أطلعها من المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة