أمّا وصف الدَّجَّال
فهو كما يلي:- عظيم الجسم- أسمر اللون- جعد الشعر- قصير- بعيد ما بين الساقين
والفخذين- عريض الصدر- أصلع الجبهة- مقطوع الأذن- مكتوب بين عينيه كافر- عينه
اليمنى عوراء لا ضوء فيها- وعينه اليسرى ناتئة طافية كأنها نخامة في حائط.
وهاك بعض أحاديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم الصحيحة في وصف الدجَّال:
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّه- أي الدجَّال - جسيم أحمر جعد الرأس
أعور العين كأن عينه عنبة طافية).
وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( إنَّ رأس الدجَّال من ورائه حُبك حُبك)
[ حُبك: أي شعر رأسه متكسر من
الجعودة مثل الماء الساكن أو الرمل إذا ذهبت عليهما الريح فيتجعدان ويصيران طرائق
وفي القرآن { والسماء ذات الحُبك} أي الطرائق ]
وقال: ( إنه جعد آدم), والآدم:
الأسمر اللون, ويمكن أن تكون أدمته صافية, ولا ينافي أن يوصف مع ذلك بالحمرة؛
لأنَّ كثيراً من الأدم قد تحمر, وجنتيه.
وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( رأيت الدجَّال هجاناً ضخماً فيلمانياًّ كأن شعره أغصان شجرة أي أن شعره
كثير متفرق ).
ويؤيد ما صح عن حذيفة أنَّ
النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الدجَّال: ( إنه جفال الشعر).
ورآه تميم الداري رضي الله عنه
فإذا هو إنسان يجر شعره.
والفيْلم: العظيم الضخم الجثة
من الرجال... والفيلماني: منسوب إليه بزيادة الألف, والنون للمبالغة.
وفي الحديث: ( إنه أعور
العين اليمنى كأنها عنبة طافية).
والطائفة- بالهمز- التي ذهب
ضوؤها, والطافية- بغير الهمز- البارزة المرتفعة الناتئة نتوء حبة العنب من بين
أخواتها, فهي مرتفعة, وفيها ضوء
وفي حديث حذيفة: (أعور العين
الشمال).
وفي حديث سفينة مولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( أعور عينه اليسرى, بعينه اليمنى ظفرة غليظة).
وفي رواية أخرى: ( أن العين
اليسرى- أو الشمال- هي التي عليه تلك الظفرة الغليظة).
والظفرة: لحمة تنبت عند المآقي,
وقيل: جلدة تخرج في العين من الجانب الذي يلي الأنف, ولا يمنع أن تكون في العين
السالمة بحيث لا تواري الحدقة بأسرها بل تكون على حدتها, وللجمع بين هذه الروايات
نقول: العين المطموسة, والممسوحة هي العوراء الطافية أي التي ذهب ضوؤها, وهي العين
اليمنى, كما في حديث ابن عمر.
وتكون الجاحظة التي كأنها كوكب,
وكأنها نخامة في حائط هي الطافية- بلا همز, وهي العين اليسرى.
وعلى هذا فهو أعور العين
اليمنى, واليسرى معاً, فكلُّ واحدة منهما عوراء أي: معيبة, فإن الأعور من كل شيء:
المعيب, وكلا عيني الدجَّال معيبة, فإحداهما معيبة بذهاب ضوئها حتى ذهب إدراكها,
والأخرى بنتوئها.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بُعث نبي إلا أنذر أمته الأعور
الكذاب ألا إنه أعور, وإن ربكم ليس بأعور, وإن بين عينيه مكتوب كافر ).
وفي روايه: ( يقرؤه كل مؤمن
كاتب, أو غير كاتب).
والصحيح الذي عليه المحققون
أنَّ هذه الكتابة على ظاهرها, وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية, وعلامة من جملة
العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله, ويظهرها الله- تعالى- لكل مسلم كاتب, وغير
كاتب, ويخفيها عمَّن أراد شقاوته وفتنته.
والإدراك بالبصر يخلقه الله
للعبد كيف شاء, ومتى شاء, فهذا يراه المؤمن بغير بصره, وإن كان لا يعرف الكتابة,
ولا يراه الكافر, وإن كان يعرف الكتابة, كما يرى المؤمن الأدلة بعين بصيرته, ولا
يراها الكافر, فيخلق الله للمؤمن الإدراك دون تعلم؟ لأن ذلك الزمان تنخرق فيه
العادات.
ومن صفات الدجَّال ما ورد في
الحديث أنه: ( أعور العين, أجلى الجبهة, عريض النحر, فيه دفأ, أو دفاً)
قوله أجلى الجبهة من الجلا, وهو
انحسار مقدم الشعر, وهو دون الصَّلع, وقيل: هو أن يبلغ انحسار الشعر نصف الرأس,
وقيل: الأجلى: الخفيف شعر جانبي الجبهة, والنحر: الصدر, وهو أيضاً موضع القلادة من
الرقبة, وقوله: فيه دفأ, أو دفاً أي: انحناء, والمراد أن في صلبه احديداب.
والدجَّال لا يولد له قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ( الدجَّال لا يولد له, ولا يدخل المدينة ولا مكة).
وتلك الأوصاف كلها دميمة تبين
لكل ذي حاسة سليمة, ولكن من قضى الله عليه بالشقاوة تبع الدجَّال فيما يدَّعيه من
الكذب, والغباوة, وحُرم اتباع الحق, ونور التلاوة فقوله صلى الله عليه وسلم: (
إنه أعور وإن الله ليس بأعور) تبين للعقول القاصرة, أو الغافلة على أنَّ من
كان ناقصاً في ذاته عاجزاً عن إزالة نقصه لم يصلح أن يكون إلهاً لعجزه, وضعفه, ومن
كان عاجزاً عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفس غيره, وعن مضرته.
وأخيراً ما صفة حمار الدجَّال:
يجيب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيقول: ( له- أي الدجَّال- حمار يركبه, عرض ما بين أذنيه أربعون
ذراعاً ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة