قهوتي و كتابي

تعامل مع الأمور بمنطق اللعب



لقد كنت أكره المذاكرة للإمتحان أثناء دراستي الثانوية , و كان ذلك أكثر ما يصيبني بالملل , و لكنني في يوم ما قررت أنا و "تيري هيل" أن نجعل المذاكرة لعبة , فقررنا أن نتحدى بعضنا من خلال وضع امتحانات صورية لبعضنا , و كان قواعد اللعبة الوحيدة هي أن علينا أن نسأل ثلاثين سؤالاً ولا بد أن تكون الإجابات في النص الذي سنمتحن فيه في اليوم التالي .
ولأن كلينا كان  يحب التنافس واللعب , فقد عملنا جاهدين على وضع أصعب ثلاثين سؤالاً و ذلك مثل :
ما هو الاسم الأوسط لـ "ماجيلان" ؟ كم عدد بنات "كاستور"  ؟ ما هي الكلمة الثالثة و العشرون في خطاب "جيتيسبرج" ؟ وكنا أيضاً نحاول التنبؤ بأصعب الأسئلة التي يمكن أن يأتي بها الآخرون ونعرف الإجابات الغامضة.

و في صبيحة الامتحان الحقيقي كان كلٌّ منا يقدم للآخر امتحانه ودائماً ما يكون ضعف صعوبة الامتحان الحقيقي , وبينما يقوم كل منا بحل امتحان الآخر كان الجو يمتلئ صياحاً وضحكاً , ولكن بحلول الامتحان الحقيقي في المدرسة كنا نبدو أكثر من جاهزين بل كنا ننظر لبعضنا عبر الفصل معبرين عن ازدرائنا من سهولة وغباء الامتحان الحقيقي.


و من خلال تحويل المذاكرة إلى لعبة للتحدي , انتزعنا مفهوم العمل من المهمة و أبدلناه باللعب , فهل في هذه الحالة نعمل بجد عما كنا قبل ذلك ؟ بل أكثر جداً , حيث أننا بتحويلنا العمل إلى لعب زدنا من طاقتنا و من حس الإبداع لينا .

و معظم الذين يلعبون الجولف , أو التنس يعملون بجد في مبارياتهم أكثر مما يكونون عليها أثناء العمل لأنه في اللعب لا يكون هناك مقاومة من داخلهم , فلاعب الجولف يلعب بجد في الملعب أكثر مما يلعب بجد في المهنة التي يمتهنها , و دائماً ما لا ينتبه هو لذلك ( بالرغم من أن زوجته تنتبه له ) لأنه لا يشعر أن اللعب عمل , و إنما يشعر بأنه لعب ومتعة , كما أنه يضفي مزيداً من الحيوية و الإبداع و المتعة على ما يقوم به في الملعب لأنه لعب , كما يكون لديه التزام دائم بان يزيد من مهاراته في اللعب . فكل شخص يهتم بأن يتحسن ويتطور في اللعبة التي يلعبها .

و فيما يتعلق بتأثير اللعب على الطاقة انظر إلى مجموعة من الأشخاص يلعبون الورق طوال الليل , فلأن الورق لعبة يمكن للناس أن يلعبوها طوال الليل إلى أن تشرق الشمس و عندما يعودون في نهاية الأمر إلى المنزل ليناموا فقد نشعر برغبة في أن نسألهم . ( كيف استطعتم أن تسهروا طوال الليل ؟ هل كنتم تشربون القهوة و غيرها من المنبهات ؟ ) فسيردون قائلين بأنهم كانوا يشربون البيرة , فإذا قلت لهم ( أليست البيرة تجعلك تشعر بالكسل والتعب ؟) فسيردون ليس ذلك حينما نلعب . بل إنك قد تعرف أيضاً أنهم كانوا يتناولون وجبات دسمة ويدخنون السيجار و كلها أشياء لا تُعد عموماً بأنها منبهات , أما ما نبههم طوال الليل فكان اللعب أو متعة المنافسة.

و ذات مرة قال الكاتب المسرحي "نويل كاورد" ( إن العمل أكثر متعة من اللعب ) و قد ذكرت هذا الاقتباس في دليل إحدى الندوات التي عقدت لأحد فرق المبيعات منذ عام , فما كان من أحد المشاركين الجالسين في المؤخرة إلا أن رفع يده و قال : ( "ستيف" من هو "هونويل كاورد" ؟ إنني أعتقد أن اقتباساً مثل هذا إما أن يكون من لاعب جولف أو نجم أفلام إباحية. )

هذه المزحة أثارت قدراً كبيراً من الاستهزاء بي , ولكنني كشفت حقيقة ( و هو الحال غالباً مع أي مزحة ) فالناس يعتقدون أن الوظائف الممتعة دائماً ما تكون في غير وظائفهم , وتراهم يقولون آه لو أنني استطعت أن أحصل على وظيفة مثل هذه ؟ ( آه لو كنت لاعب جولف محترف ) . أما الحقيقة فهي أن العمل الممتع الذي يرضي رغباتك يمكن أن تجده في أي شيء , و كلما عمدنا إلى إدخال عناصر اللعب على عملنا ( وضع قائمة بأفضل النتائج لكل شخص , الأهداف , الإطار الزمني , المنافسة مع الذات , أو مع الآخرين , تسجيل النتيجة ) أصبح النشاط الذي تقوم به ممتعاً .

و قد عملت مؤخراً في مشروع أحد الشباب في "فينيكس" و كان يبيع معدات مكتبية أكثر ثلاث مرات من متوسط ما يبيعه مندوب المبيعات في فريقه , و قال لي إنه لا يفهم زملاءه الذين يحبطون بسهولة . و لا يتحملون الرفض و يجدون صعوبة في البيع .

ثم ابتسم قائلاً : ( أنا لا آخذ هذه الأمور بتلك الجدية , فانا أحب التحديات التي تواجهني و أنا أبيع , و كلما كان العميل صعباً كلما استمتعت بعملية البيع , و بالنسبة لي ليس هناك أي شيء في هذا آخذه بشكل شخصي , أو يوهن من عزيمتي , فعندما أقابل أي عميل جديد , فهي بالنسبة لي مباراة شطرنج .)

فأياً كان ما تفعله , سواء كان مشروعاً كبيراً في العمل , أو عملية تنظيف ضخمة في المنزل لو أنك حولته إلى لعبة , فسوف تظهر لديك مستويات أعلى من الطاقة التحفيزية .

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة