قهوتي و كتابي

استعن بمدرب جيد



بعد شوط مخيب – و قلما يحدث هذا – في ملعب الجولف كان "تايجر وودز" غالباً ما يأخذ درساً في الجولف .

و عندما سمعت هذا للمرة الأولى سألت نفسي من ذا الذي يستطيع إعطاء "تايجر" درساً في الجولف ؟

و لكن هذا كان قبل أن أفهم قيمة التدريب , و الشخص الذي علمني هذه القيمة كان مستشاراً شاباً في مجال الأعمال "ستيف هارديسون" و قال لي : ( إن "تايجر" ياخذ الدرس لا لأن مدربه لاعب أفضل منه , و يمكنه أن يعطي نصائح و تعليمات , و إنما لأنه يمكن أن يقف من وراء "تايجر" و يرى بموضوعية . )

و قد أوجد "هارديسون" شكل من أشكال الفن يتمثل في دخول المؤسسات ,
ورؤية الأشياء بوضوعية , و في الحقيقة فإن عقليته تجاوزت هذا الحد , فقد كان لديه ما يمكن أن يصل به إلى قدرة عقلية خاصة في رؤية أوجه القصور , و كانت هذه هبة يمكن أن تكون لدى أي شخص لو كان لديه الاستعداد لتحمل الأساليب القاسية التي يستخدمها "هارديسون" في تدريبه.

و قد ساعدني "هارديسون" على فهم شيء يعيش بداخل كل منا , شيء يسميه هو ( الصوت ) , فعندما تستيقظ صباحاً تجد صوتاً يسارع و يقول لك إنك متعب و لا تقوى على النهوض , أو مريض لا تقوى على العمل , و خلال أحد اجتماعات البيع حينما تكون على وشك أن تقول شيئاً جريئاً للعميل , فقد يأمرك الصوت بان لا تقول هذا ( تراجع ) , (كن حذراً ) .

و يقول "هارديسون" : ( و الحل هنا ليس في تجاهل , أو إنكار وجود هذا الصوت . لأنه موجود و ليس هناك شخص بدون هذا الصوت . فبإمكانك أن ترد عليه الكلام بل بإمكانك أن تكلمه بوقاحة و تسخر منه و تستهزئ به , و تظهر غباءه , و بمجرد أن تبدأ في الرد شكوكك , فستبدأ من جديد في التحكم في زمام حياتك .)

و كثيراً ما أكون في خضم احد المشروعات الكبرى في مجال الأعمال , و أطلب مقابلة "هارديسون" لمدة ساعة , و بعد أن يستمع إلي لعدة دقائق يعرف في الحال أين القصور في سلوكي , ثم يقول لي و كأنه مدرب جولف عظيم يشاهد تراجع "تايجر" في الملعب : ( هل ترغب في تقبل بعض التدريب في هذا ؟) فأسرع إلى الموافقة , فربما يكون منه إلا أن يخبرني بصدق , و أحياناً بقسوة , بما رآه , و دائماً ما لا يعجبني ما يراه و لكنني أصبح أكثر قوة عندما أتكلم معه عن هذا.

لقد كان تدريب "هارديسون" قاسياً للغاية , حتى أنه كان يذكرني بحادثة وقعت لي عندما كنت صبياً ألعب في دوري البيسبول للناشئين , فقد أصبت في ركبتي في لعبة بالقاعدة الثالثة , و عندما انتهت المباراة كانت ركبتي قد تورمت و تصلبت قدمي كلها , و بينما كنت أجلس على مقعد الاحتياطي و أنا أضع قدمي أمامي و هي متصلبة جاءني طبيب كان ابنه يلعب في فريقنا و انحنى نحو ركبتي بينما كان والدي يشاهده .

و قال لي الطبيب و هو يمسك بلطف بركبتي المتورمة : ( أريد أن تثني رجلك الآن ).

فقلت له : ( لا أستطيع .)

فسألني و هو يرفع نظره إلي : ( لا تستطيع ؟ لماذا لا تستطيع ؟ )

فقلت له : ( لأنني حاولت ووجدت هذا مؤلم بشدة )

فنظر إلي الدكتور للحظة و قال لي ببساطة و لطف ( إذن .....تألم)

و قد دهشت من طلبه.. لأتألم ؟ و عن قصد؟ و لكنني بعدها و دون أن أنطق بكلمة قمت بثني قدمي ببطء . نعم كان هناك ألمٌ فظيع و لكن لم يكن هذا مهماً , فمازلت مندهشاً من طلبه .

و أخذ الطبيب يدلك ركبتي بأصابعه , ثم أومأ لأبي و قال له : ( إن كل شيء على ما يرام و إنني سأجري أشعة, و الإختبارات الوقائية المعتادة , ولكنه لا يرى أي خطورة الآن .

و لكنني ما زلت أعتقد أن هناك شيئاً كبيراً للغاية حدث لي على التو , فبعد طفولة تتسم بتجنب الألم و التعب من أي نوع , فجأة أجد أن بإمكاني أن أؤلم نفسي إذا أردت , و أن بإمكاني أن أفعل هذا بهدوء , ودون طرفة عين , و ربما لم أكن بذلك الجبن الذي كنت أعتقده في نفسي , و ربما كان داخلي شجاعة كما لدى أي شخص آخر , و لكن المسألة كانت كلها مجرد أن يكون لديك الرغبة في استخدام هذه الشجاعة .

لقد كشفت لي هذه الحادثة عن الكثير , و لم تكن تتباين مع الطريقة التي علّمنيها "هارديسون" كمدرب , و التي تطلبت مني استخدام الأشياء التي بداخلي و التي لم أكن أعرف أنها بداخلي .

و ذات مرة وجدت صعوبة في تسجيل الناس في ندواتي و تلقي المكالمات الهاتفية المتوقعة , فما كان من "هارديسون" إلا أن أمسك بالهاتف و بدأ في الاتصال بالناس و تسجيلهم , و في أثناء هذا اتصل برقم خطأ ليجد ميكانيكياً بأحد ورش الإصلاح ,  و في هذه الحالات يقوم معظم الناس بالاعتذار عن هذا الخطأ ويضعوا سماعة الهاتف , ثم بتصلوا مرة أخرى , و لكن "هارديسون" لم يرد أن يضيع المكالمة هدراً , فقدم نفسه و ظل بتحدث في الهاتف , حتى دعى الميكانيكي لإحدى الندوات .

و "هارديسون" هو خطيب عام , فهو شجاع و موهوب و بائع صارم و ذو حيلة و رياضي موهوب و رجل أسرة ملتزم و هو من ذلك النوع من الرجال الذي كان يصيبني بالغيرة .

و بإمكاني أن أكتب كتاباً كاملاً عن أعمال "هارديسون" الرائعة في التدريب و الإستشارة , و سوف أفعل هذا يوماً ما , و هناك أمثلة كثيرة لحالات دربني فيها حتى وصلت لمستويات أعلى من الأداء , و لكنني أعتقد أن معظم ما علمني إياه هو قيمة التدريب نفسه .

و بمجرد أن نصبح مستعدين للتدريب , فسنحظى بنفس المزايا التي يتمتع بها كبار الممثلين , و الرياضيين في كل مكان , فعندما يكون لديك الإستعداد للتدريب , فلن تصبح ضعيفاً – بل ستصبح أقوى – و ستصبح أكثر مسؤولية عن تغيير نفسك .

و في كتابه ( الطريقة التي قلما تطرق ) يقول "م.سكوت" : ( المشكلة في التفريق بين ما نحن مسؤولون عنه في الحياة و لسنا مسؤولين عنه في أعظم مشكلات الوجود البشري ... فلا بد أن تكون لدينا الرغبة و القدرة على تحمل معاناة الإختبار الذاتي الدائم .) 

و أفضل المدربين هم الذين يوضحون لنا كيف نختبر أنفسنا , ويحتاج الأمر منك إلى شجاعة في طلب التدريب , ولكن النتائج ستكون عظيمة , وأفضل لحظات التدريب هي تلك التي يساعدك فيها المدرب على فعل شيء خفت فعله من قبل , و عندما نصحني "هارديسون" بفعل شيء كنت أخاف من فعله قلت له : ( لا أعرف ما إذا أستطيع ذلك بالفعل أم لا .)

فيقول لي : ( إذن لا تكن نفسك , فإن لم تستطع فعل هذا , فلتكن شخصاً آخر. كن شخصاً يستطيع هذا . ( كن "دري نيرو" , كن "بروس لي" كن أي شخص , فهذا ليس مهماً ما دمت ستفعله .)

و تتضح مدى مساهمة التدريب في حياتي من خلال هذه الكلمات للفيلسوف الفرنسي "ابولينير"

- قال : ( تعالوا إلى الحافة .)

- قالوا : ( نحن خائفون .)

-        قال : ( تعالوا إلى الحافة .)
-        فجاؤا ,
-        فعرفهم,

-        فطاروا,

و يمكنك الحصول على التدريب في أي وقت , فإذا كان التدريب يناسب لعبة الجولف و التنس , فهو يناسب أكثر لعبة الحياة . اطلب من شخص ما أن يكون أميناً معك وأن يدربك لبعض الوقت . دعه يختبر إيقاعك . دعه يخبرك بما يرى , و من الشجاعة أن تفعل هذا , و سوف يقودك دائماً إلى مزيد من النمو , و التحفيز الذاتي .

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة