قهوتي و كتابي

عش حياتك ببساطة



ذات مرة سئل مدرب كرة القدم العظيم "فينس لو مباردي" – مدرب فريق "جرين بي باكر" – عن السبب في أن فريقه الحاصل على بطولة العالم والذي يضم العديد من اللاعبين متعددي المهارات يقوم بمثل هذه المجموعة من اللعبات  البسيطة فأجاب (من الصعب أن تهاجم عندما تكون مرتبكاً).

ومن مزايا التخطيط الابتكاري لحياتك أنه يعطيك الفرصة لتبسيط حياتك حيث يصبح بإمكانك التخلص من الأنشطة التي لا تسهم في تحقيق أهدافك المستقبلية أو تفويض غيرك بهذه الأنشطة أو حتى حذفها تماماً.

ومن الطرق الأخرى الفعالة لتبسيط حياتك أن تدمج مهامك, فهذا الدمج يسمح لك بتحقيق غايتين, أو أكثر في وقت واحد.

وعلى سبيل المثال عندما أقوم بالتخطيط لما سأفعله اليوم ألاحظ أنه يجب علي أن أتسوق للأسرة بعد العمل وهي مهمة لا أستطيع عدم القيام بها حيث يكاد كل شيء في البيت أن ينضب, وألاحظ أيضاً أن أحد أهدافي هو الانتهاء من قراءة تقارير الكتب الخاصة بإبني وأدرك أيضاً أنني قد قررت قضاء المزيد من الوقت في أداء بعض الأشياء مع أطفالي حيث أنني مؤخراً غالباً ما عدت للمنزل لأنام بعد انتهاء يوم طويل.


ووصف اليوم بأنه فعال (بأن تجعل كل يوم أبسط وأقوى من سابقه) يسمح لك بالنظر إلى كل هذه المهام والأهداف الصغيرة وتسأل نفسك ( ما الذي يمكنني أن أدمجه؟) فالإبداع هو في الحقيقة يفوق قليلاً مجرد القيام بعمليات دمج غير معهودة في الموسيقى, والعمارة, أوأي شيء بما في ذلك يومك.

وبعد قليل من التفكير أُدرك أن بإمكاني أن أدمج بين التسويق وفعل بعض الأشياء مع أطفالي (وهذا الأمر يبدو سهلاً وواضحاً ولكنني لا أستطيع إحصاء عدد المرات التي كنت فيها غافلاً عن التسوق أو أفعل بعض الأشياء بمفردي حتى أنميها ولكنني وجدت الوقت قد ينفذ بحيث لم يعد هناك وقت للعب مع أطفالي.)

ثم أفكر أكثر وأتذكر أن متجر البقالة الذي نتسوق منه يوجد به كفتيريا بها بعض الطاولات ويحب أطفالي أن يعدوا القوائم وأن يصعدوا  ويهبطوا بأنفسهم عبر السلم المتحرك لملئ عربة المتجر ولذلك قررت أن أقرأ تقارير الكتب الخاصة بابنتي في الكفتيريا بينما يقوم الأطفال بجمع الطعام وهم يروني حيث أجلس ويأتوني كي يطلعوني على ما اختاروه وبعد ساعة أو ما يقاربها تكون ثلاث أشياء قد حدثت في وقت واحد:
1-    أنني قمت بشيء مع أطفالي.
2-    قرأت تقارير الكتب
3-    انتهيت من عملية التسوق.

وفي كتابها (بناء العقل) تنصح "ماريلين فوسفانت"  بشيء مشابه لمبدأ تبسيط الحياة: حيث تنصح بإعداد قائمة بكل المهام الصغيرة التي لا بد من فعلها على مدار أسبوع مثلاً, ثم القيام بهذه المهام في الحال من خلال تحرك مُركّز ومثير, فهي ضربة سريعة ومثيرة, وبعبارة أخرى قم بصهر كل المهام الصغيرة معاً واجعل منها مهمة واحدة بحيث يكون يقية الأسبوع خالياً تماماً لكي نبدع كما نريد.

وقد وضع "بوب كوثر" (والذي سأتحدث عنه لاحقاً بصفته رئيساً لأنفينكوم) أبسط نظام لإدارة الوقت وأيته في حياتي, وطريقته كالآتي: افعل كل شيء في الحال, لا تضع شيئاً غير ضروري في مستقبلك افعله الآن بحيث يكون المستقبل دائماً مفتوحاً على مصراعيه, وكنت دائماً ما أراه يعمل ويتحرك فأجلس مرة في مكتبه وأذكر له اسم شخص أريد أن أعقد دورتي التدريبية عنده في المستقبل.

فأسأله: هلا كتبت في مفكرتك ملحوظة بأن تتصل به لتعلمه بأنني سوف أتصل به.
فيسألني في رعب: أكتب ملحوظة؟
وما يكون منه ( وحتى قبل أن أقول أي شيء) إلا أن يستدير في كرسيه ويتصل بهذا الشخص, وخلال دقائق يكون حدد موعداً بيني وبين هذا الشخص, وبعد أن يضع سماعة الهاتف يقول: حسناً لقد تم ما أردت فماذا بعد؟

أخبره بأنني أعددت التقرير الذي أراده عن تدريب لفرق الخدمات لديه وأسلمه له.
وأقول: يمكنك أن تقرأه لاحقاً وتعود إلي.

ويقول: "توقف لحظة" هذا هو بالفعل مستغرقاً تماماً في قراءة مضمون التقرير, وبعد عشر دقائق أو ما يقاربها يكون قرأ كثير مما يهمه بصوت مرتفع ويقوم باختصار التقرير, ومناقشته وحفظه في ملف خاص.

ولهذا النظام في إدارة الوقت ليس له مثيل, فماذا نسميه؟ يمكن أن تسميه "افعل كل شيء في الحال, لقد جعل حياة بوب بسيطة. وعلى العلم أن بوب هو رئيس شركة ناجح ولديه عزيمة قوية وكما يقول "فينيس لومباردي" من الصعب أن تكون لديك عزيمة وأنت مرتبك.

ومعظم الناس لا يرون أنفسهم مبدعون وذلك لأنهم يربطون الإبداع بالتعقيد ولكن الإبداع هو البساطة.

وقد قال "مايكل أنجلو" أنه استطاع أن يرى "الديفيد" في الصخرة الصلبة التي اكتشفها في محجر للرخام, وكان دوره الوحيد كما يقول أن يزيل بالنحت ما لم يكن ضرورياً إلى أن أصبح لديه هذا التمثال, وفي هذه الحياة المليئة بالركام, والدؤوبة الحركة تتحقق ببساطةمن خلال عملية مستمرة من إزالة ما هو غير ضروري.

ومن أكثر التجارب المثيرة التي عايشها وأصبحت مدى قوة البساطة ما حدث عام 1984م عندما تم الاستعانة بي للمساعدة في كتابة الإعلانات الإذاعية والتلفزيونية "لجيم كولب" مرشح الكونجرس الأمريكي والذي كان يخوض الانتخابات في المنطقة الخامسة بولاية أريزونا وخلال الحملة رأيت بنفسي كيف أن التركيز, وتحديد الهدف والبساطة يمكن أن تعمل معاً لخلق نتيجة عظيمة.

وبناءً على التاريخ السياسي السابق, كانت فرصة "كولب" في الفوز 3% فقد كان منافسه عضواً مهماً في البرلمان في وقت كان فيه أعضاء البرلمان لا يهزمون تقريباً من منافسيهم وبالإضافة إلى هذا كان "كولب" جمهورياً في منطقة معظمها ديمقراطيون, والضربة الأخيرة ضده كانت في أنه حاول من قبل أن يهزم هذا الرجل "جيم ماك نلتي" لكنه خسر, وقد تكلم الناخبون بالفعل عن هذا الأمر في حين أمد "كولب" نفسه الحملة بحس الهدف, فقد كان محارباً لا يمل وصاحب مبادئ لا تتزعزع, وقد أطلق هو حس الرسالة, والهدف و كنا جميعاً نستمد طاقتنا منه.

ويرجع الفضل إلى المستشار السياسي "جو شميت" ( وهو أحد أذكى الأشخاص الذين عملت معهم) في أن جعلنا نركز على هدف معين في ظل استراتيجية منسقة للحملة, وكان دور الإعلان والإعلام المحافظة على هذه الاستراتيجية قوية وبسيطة.

وعلى الرغم من أن المنافس قدم ما يقارب من 15 إعلاناً تلفزيونياً كل منها يتعلق بقضية معينة, فإننا قررنا منذ البداية أننا سنلتزم بنفس الرسالة إلى النهاية من خلال الإعلان الأول والأخير وكنا بشكل أساسي نعرض نفس الإعلانل المرة تلو المرة, وعلمنا أنه بالرغم من أن المنطقة كانت معظمها ديمقراطية فإن استطلاعاتنا كانت تشيرإلى أنها من الناحية النفسية أكثر محافظة, وكان "كولب" نفسه محافظاً ولذلك كانت آراؤه تتفق مع الناخبين أكثر من المنافس على الرغم من أن الناخبين لم يكونوا قد وعوا هذا حتى ذلك الحين, ومن خلال تركيز جمع إعلاناتنا على رسالتنا البسيطة (في أفضل من يمثلكم) استطعنا أن نرفع من أسهمنا سريعاً في صناديق الإقتراع ليلة الإنتخاب.

والإحتفال الذي استغرق طوال الليل فرحاً بالفوز غير المتوقع "لكولب" جعلني أفهم أن رسالة ضخمة لم أدركها من قبل وهي أن كلما كان الأمر بسيطاً كان أقوى, وإذا كان "كولب" قد فاز بفارق ضئيل تلك الليلة, فإنه ما زال في الكونجرس حتى اليوم أي بعد عشر سنوات من تلك الإنتخابات, وأصبح هامش الفوز ضخماً, ولم يقم "كولب" أبداً بتعقيد رسالته, واستطاع أن يحافظ على سياساته قوية وبسيطة حتى عندما بدا ذلك مخالفاً للصورة العامة.

ومن الصعب أن يظل لديك الحافز عندما تكون مرتبكاً وحينما تبسط حياتك فإن هذا يمدك بالتركيز فكلما ركزت حياتك على شيء معين ازدادت قوة الحافز في حياتك.

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة