أحياناً لا نفعل
الشيء لأننا غير متأكدين أن بإمكاننا فعله بشكل جيد , و نشعر بعدم رغبة , أو قدرة
على فعل مهمة موكلة لنا مما يجعلنا نرجئها أو
ننتظر وصول التحفيز .
و أشهر مثال على
هذه الظاهرة ما يسميه الكتاب "عقبة الكاتب" و هي عبارة عن حاجز ذهني
يمنع الكاتب من الكتابة , وأحياناً ما تكون هذه العقبة شديدة مما يجعله يذهب إلى
معالج نفسي طلباً للشفاء , و يعتمد دخل كثير من الكتاب على الشفاء من هذه العقبة .
و تحدث هذه
العقبة ( أو غياب التحفيز الذاتي ) ليس لأن الكاتب لا يستطيع الكتابة , وإنما لأنه
يعتقد أنه لا يستطيع الكتابة بشكل جيد , و بعبارة أخرى يعتقد الكاتب أنه ليس لديه
الآن الطاقة الكافية, أو الدافع لكتابة شيء يكون جيداً بالقدر الكافي , و لهذا فإن
صوت التشاؤم بداخله يقول له ( ليس بإمكانك التفكير في شيء تكتبه.. أليس كذلك ؟ ) و
هذا يحدث للكثيرين منا حتى في أمور بسيطة مثل إرسال بطاقة بريدية , أو الرد على
بريد الكتروني فات موعده .
و لكن الكاتب في
الحقيقة ليس بحاجة إلى معالج نفسي ليعالجه من هذا , فكل ما يحتاجه هو أن يفهم كيف
يعمل العقل البشري في لحظة حدوث هذه العقبة .
فعلاج عقبة
الكاتب – وأيضاً الطريق نحو التحفيز الذاتي – علاج بسيط , و هو أن تمضي قدم و تكتب
بشكل سيء .
و للكاتبة
القصصية "آن لاموت" فصل في كتابها الرائع "خطوة بخطوة" , و الفصل يحمل عنوان
"المسودات الأولى السيئة للغاية" , وتقول هذه الكاتبة أن مفتاح الكتابة
هو أن تبدأ في كتابة أي شيء , قد يكون أسوأ شيء كتبته في حياتك و هذا ليس مهماً .
و تقول أيضاً (
إن كل الكتابات الجيدة تقريباً تبدأ بمحاولات رديئة , وأنت بحاجة لأن تبدأ من أي
مكان – فابدأ بكتابة شيء ما – أي شيء – على الورق .
و بمجرد أن تكتب
فقد هزمت الصوت التشاؤمي الذي حاول أن يقنعك بأن لا تكتب , و الآن ها أنت تكتب , و
حينما تبدأ , فسيكون من السهل أن تحصل على الطاقة اللازمة للكتابة و تصل إلى
الجودة المطلوبة .
يقول المغني و
كانب الأغاني "جون ستيورن" : ( عندما تكون من مراحل الإبداع الأولى ,
فلا تنتقد نفسك أبداً أبداً .)
و غالباً ما تكون
خائفاً من فعل الشيء , إلى أن تتأكد من أنك ستفعله بشكل جيد . و لهذا... فإنك لا
تفعل شيئاً , و هذه الرغبة لدينا هي التي دفعت "ج ك تشيسترون" إلى القول
( لو أن هناك شيئاً يستحق الفعل , فهو يستحق أن يفعل بشكل رديء )
و الخروج للجري
يعطيني مثالاً لنفس الظاهرة, فحيث أنني لا أشعر أن باستطاعتي الجري بشكل جيد , و
بقوة أجد أن الصوت يقول لي ( ليس اليوم ) . و لكن علاج هذا هو أن تقرر الجري بأي
طريقة , حتى لو كان جرياً بشكل رديء ( إنني لا أشعر بالرغبة في الجري الآن , و
لذلك سوف أخرج , وأجري ببطء بأسلوب يغلب عليه الكسل , و لا يفيدني في شيء , و لكن
على الأقل سوف أجري. )
و لكن بمجرد أن
أبدأ عادة ما يحدث شيء يغير من مشاعري تجاه الجري , و مع نهاية الجري الاحظ أنه
أصبح بشكل أو بآخر ممتعاً تماماً.
و في أثناء
ندواتي عن التحفيز الذاتي كثيراً ما أعطي واجبات منزلية للمشاركين , و أطلب منهم
أن يكتبوا أهدافهم الأساسية للعام القادم , و أطلب منهم أن لا يملأوا أكثر من نصف
صفحة , و هذا ليس بالأمر الصعب بالنسبة للأشخاص الذين لديهم الرغبة في أن يفكروا
تفكيراً بسيطاً للغاية , و الاستمتاع بملء هذه الصفحة, و لكن المدهش أن هناك
الكثيرين يعانون تماماً بسبب هذا الواجب , محاولين أن يكتبوه بشكل صحيح و على أحسن
ما يكون كما لو كانوا يستفيدون للأبد مما كتبوه , و النتيجة هي أن الكثيرين لا
يستطيعون أداء هذا الواجب .
و لكي أحثهم على
إكمال التدريب أقول لهم ( اكتب أي شيء , اخترع أي شيء , فليس من اللازم حتى أن
يكون هذا الشيء صحيحاً , و ليس لزاماً أن تكون الأهداف أهدافك , و كل ما عليك هو
أن تؤدي الواجب حتى تفهم التدريب الذي ستقوم به ) المهم أن تفعل الواجب.
و كلنا مؤلفون
مثل "آن لاموت" و ذلك في نواح عديدة , و رواياتنا هي حياتنا , و كثير
منا يصاب بشكل سيء من أشكال عقبة الكاتب التي تجعلنا لا نكتب أي شيء على الإطلاق ,
و هذه مأساة لأننا في أعماقنا مبدعون للغاية , و بإمكاننا أن نؤلف حياة عظيمة , و
كل ما في الأمرهو أن خوفنا من أن نكتب بشكل سيء يجعلنا لا نكتب على الإطلاق .
لا تجعل هذا يحدث
لك , فإذا لم يكن لديك حافز لفعل شيء ما تعرف أنك بحاجة لفعله , فقرر أن تفعله
بشكل سيء , وأضف على هذا الشيء دعابة فيها استخفاف بالذات , كن سيئاً بشكل كوميدي
فيما تفعله , ثم استمتع بما يحدث لك بمجرد أن تبدأ في هذا .
ستيف تشاندلر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة