قهوتي و كتابي

صم عن الأخبار



كان أول ما سمعت عبارة "الصم عن الأخبار" من الدكتور "اندرو ويل" , والذي يكتب عن الطب الطبيعي والشفاء التلقائي , و ينصح ويل بالصيام عن الأخبار , لأنه يعتقد أن لهذا أثراً شافياً على النظام الإنساني , و هو يعتبر أن هذه قضية إنسانية حقيقية .

و نصيحتي بالصوم عن الأخبار ترتبط بسيكولوجية التحفيز الذاتي , فإذا قضيت فترات زمنية دون الاستماع , أو قراءة الأخبار , فستلاحظ ارتفاعاً في مستوى التفاؤل بالخيال , كما ستجد أن هناك زيادة في الطاقة .

و الناس تسألني " و لكن أليس من الأفضل أن أظل على معرفة بآخر التطورات ؟ ألن أكون مواطناً سيئاً لو أنني لم أعرف ماذا يحدث في مجتمعي ؟ أليس من الأفضل أن أشاهد الأخبار ؟ . "

و عند الإجابة على هذا السؤال أشير إشارة قد تدهشك . إن الأخبار لم تعد أخباراً .

و كان ولتر كرونكبت دائماً ما ينهي برنامجه بالقول " و هذا هو الحال" و كنا نثق في صدقه أما الآن , فالأمر مختلف تماماً , فقد أصبحت قيمة الصدمة في المقام الأول لأي خبر واختفت معالم الخط الفاصل بين أخبار المساء و أكثر جرائد الإثارة فظاظة , ففي الغالب نبدأ برامج الأخبار بخبر عن السيدة التي قطعت الأعضاء التناسلية لزوجها تماماً كما تفعل أي جريدة إثارة .


و قد أصبح هدف الشخص الذي يعد برامج الأخبار الليلية هو إثارة عواطفنا بأقصى ما يستطيع من طرق , فكل ليلة نرى المعاناة الإنسانية كما نرى نصابين بل و شركات كاملة تهرب دون عقاب بعد أن تمارس عمليات نصب يقع الناس في شراكها دون رحمة , و لو كان هناك تقرير سياسي فسوف يعرض أشد الحملات شراسة و حقداً بين حزبين .
لقد أصبح هدف الأخبار اليوم هو الإثارة , هدفها أن تأخذنا في جولة الهبوط , و الصعود العاطفي , و البرنامج الجيد هو  الذي يفزعنا أو يحزننا , أو يسلينا .

فهل من العجيب أن ينتهي بنا الأمر بأن نصبح أقل تحفيزاً بعد أن نبرمج عقولنا طوال الليل و النهار بهذه المعلومات الفجة و المخيفة ؟ هل من الصعب أن تفهم لماذا يحدث انخفاض في مستوى تفاؤلنا ؟.

و الدخول في فترات صوم عن الأخبار هو علاج منعش لهذه المشكلة , و يمكنك القيام بعملية الصوم يوماً في الأسبوع كبداية , ثم تعود في اليوم التالي إلى برامج الإثارة إذا كان هناك داع لهذا , و بمجرد أن تبدأ في الصوم , فستجد أن حالتك المزاجية بأكملها قد تحسنت و قد تسأل " و لكن ماذا عن ضرورة أن أبقى على اطلاع بمجريات الأمور ؟" فهناك طرق عديدة لتحقيق هذا , فالإنترنت فيه مواقع رائعة مليئة بالفكر , و الأفضل في الحقيقة أن تصبح مطلعاًً بشكل عقلي على أن يحدث هذا بشكل عاطفي , و هناك المجلات الإلكترونية التي تقدم عملاً رائعاً باطلاعنا على ما يحدث وامدادنا بمنظور فكري هادئ للأخبار .

لا تقلق من أن يفوتك خبر هام , فالأخبار المهمة حقاً مثل الحروب , و الكوارث الطبيعية , أو الإغتيالات سوف تصل إليك في فترة الصيام بنفس سرعة وصولها لك لو شاهدت الأخبار .

ابدأ اليوم في تجربة فترات الصوم عن الأخبار , و لتكن الفترة قصيرة في البداية , ثم قم بعد ذلك بمد الفترة كما يسمح لك نظامك و عندما تعود للأخبار فلتع تماماً لما يحاول البرنامج فعله بك .

لا تكن سلبياً و تأخذ كل ما تشاهده على أنه الوضع القائم, فهو ليس كذلك , فلن يخبروك في الأخبار بآلاف الطائرات التي هبطت بأمان اليوم .              

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة