قهوتي و كتابي

استبدل القلق بالعمل و التحرك



لا تقلق , أو لا يكن كل ما تفعله هو القلق . دع القلق يتحول إلى العمل , فعندما تجد نفسك قلقاً بشأن شيء ما , اسأل نفسك سؤال العمل : " ماذا يمكنني أن أعمل حيال هذا الآن " .
و بعد ذلك افعل شيئاً ما – أي شيء – أي شيء صغير.
و قد قضيت معظم حياتي أسأل نفسي السؤال الخطأ كلما قلقت , سألت نفسي " ماذا ينبغي أن أشعر حيال هذا ؟" و اكتشفت في النهاية أنني سعدت أكثر حينما تحول السؤال إلى " ماذا يمكنني أن أفعل حيال هذا .؟ "
فإذا قلقت بشأن الحوار الذي دار بيني و بين زوجتي الليلة الماضية , و عن احتمال أنني كنت غير منصف فيما قلته لها , هنا يمكنني أن أسأل نفسي " ماذا يمكنني أن أفعل حيال هذا الآن ؟ " 
و عندما أضع السؤال في حلبة العمر تظهر لي الكثير من الاحتمالات :
1) يمكنني أن أرسل لها ورداً .
2) يمكنني أن أتصل بها و أخبرها عن قلقي مما حدث .
3) يمكنني أن أترك لها رسالة قصيرة لطيفة في مكان ما .
4) أستطيع أن أذهب لرؤيتها لأصحح الوضع .
كل هذه الاحتمالات هي أعمال , و عندما أعمل شيئاً ما سيذهب عني القلق .


و كثيراً ما تسمع عبارة "أقتله قلقاً" و لكن العبارة لا تعكس حقاً ما يحدث عندما نقلق , فسيكون عظيماً لو أننا قلقنا بشأن شيء ما حتى يموت , و عندما يموت نأخذ جثته و نتخلص منها .

و لكننا عندما نقلق فإننا لا نقتل الشيء قلقاً , و إنما نحييه بقلقنا , فالقلق يجعل المشكلة تنمو بحيث تتحول إلى وحش مرعب يخيفنا بشكل غير معقول .

لقد توصلت من قبل إلى نظام عملي ساعدني على تغيير عادات القلق لدي تماماً , حيث كنت أضع قائمة بخمسة أشياء من الأشياء التي تقلقني , و ربما كانت هذه الأشياء أربعة مشروعات في العمل , و الشيء الخامس مشكلة ابني مع أحد مدرسيه , ثم أقرر أن أمضي خمس دقائق في كل مشكلة أفعل حيالها أي شيء , و كنت أعرف أنني بهذا ألزم نفسي بخمس و عشرين دقيقة من النشاط , و ليس أكثر من هذا , و لذلك لم يبد هذا كثيراً.

و بعد ذلك أصبح بمقدوري أن أجعل من هذا لعبة , ففي المشروع الأول الذي يتعلق بإعداد كتاب أنشطة لإحدى الندوات في الدورة الجديدة كنت أقضي خمس دقائق في كتابته , و ربما لا أنتهي سوى من صفحتين , و لكن هذا كان يبدو لي عظيماً و أشعر أنني أخيراً بدأت في هذا المشروع .

و في الموضوع الثاني و هو لقاء أعلم أنني لا بد أن أجريه مع أحد العملاء حول نقطة معقدة في العقد , كنت أطلب مكتبه و أحدد موعداً للإجتماع , و أضعه في مذكرتي , و مرة أخرى كنت أشعر بسعادة .

أما الشيء الثالث الذي كنت أقلق بشأنه , فهو حجم المراسلات الهائل الذي يجب أن أرد عليه و كنت أقضي خمس دقائق في تصنيف الرسائل , و ترتيبها ووضعها في ملف منفصل عن الركام الموجود على مكتبي , و كنت أشعر في هذا برضا أيضًا , و الموضوع الرابع هو الترتيب لرحلة و كنت أقضي خمس دقائق فقط انظر في مذكرتي , ثم اترك رسالة صوتية لمندوب السفريات بأن يرسل لي بعض البدائل للرحلة .
و أخيراً فيما يتعلق بابني كنت آخذ ورقة و أكتب رسالة صغيرة لمدرسه , معبراً عن اهتمامي بابني و مساندتي لجهوده التي يبذلها معه و أعبر له عن رغبتي في تحديد موعد سريع للقائه , بحيث نجلس نحن الثلاثة معاً و نتفق على بعض الأمور.

كل هذا استغرق 25 دقيقة , و أكثر خمسة أشياء كانت تقلقني لم تعد تقلقني , بل يمكنني بعد ذلك أن أعود إليها في أي وقت لإتمامها .

فلو كان هناك شيء يقلقك , فعليك دائماً أن تفعل شيئاً حياله , و ليس لازماً أن يكون هذا الشيء كبيراً بحيث يقضي على القلق تماماً , بل يمكن أن يكون أي شيء صغير , إلا أن الأثر الإيجابي الذي سيحدثه فيك سيكون هائلاً .

و كانت لدي صديقة قلقة بشأن قطتها , و التي ظهرت لديها أعراض مرض بسيطة , و لكن لم يكن هناك شيء خطير يوجب استدعاء الطبيب البيطري , كما أنها كانت تعتقد أن الأعراض دقيقة للغاية و ربما لن يكون من السهل وصفها للطبيب و مع هذا فمازالت قلقة , لقد ذكرت لي هذا الموضوع مرتين , أو ثلاثاً قبل أن أقول لها " لا بد أن تفعلي شيئاً" .

-        فقالت : " هذه هي المشكلة بعينها , فليس هناك ما أفعله "
-        فقلت : " قومي بأي تحرك , اتصلي بالطبيب لتتحدثي معه "
-        فقالت : " هذا لن يجدي , فلن يعرف الطبيب أي شيء مما سأقوله له , و قد يطلب مني أن آتيه بالقطة , و أنا أعرف أن الأمر ليس بهذه الخطورة . "
-        فقلت : " نعم إنني أتفهم ذلك , و لكن عليك أن تفعلي هذا من أجلك و ليس من أجل القطة , أو الطبيب , فعدم فعلك لأي شيء يجعلك محبوسة في شرك القلق ."
-        فقالت : " حسناً . . . إنني أفهم ما تعنيه "

    و كان مما أصابها بالدهشة أنها عندما اتصلت بالطبيب استطاع أن يشخص جيداً موضع الداء , و نصحها بأن تأتيه بالقطة , و إذا كان ما توقع فسيعطيها شيئاً يشفيها في الحال .

و لا بد أن تتصرف حيال أي شيء تقلق بشأنه , و لا تقتصر على التفكير فيه , لا تخف من التحرك و العمل , إذ يمكن أن تكون الأعمال صغيرة و سهلة المهم أن تعمل شيئاً ما , فحتى الأعمال الصغيرة سوف تطارد مخاوفك , و الخوف يجد صعوبة في التعايش مع العمل , فعندما لا يكون هناك عمل لا يكون هناك خوف , و عندما يكون هناك خوف لا يكون العمل .

فإذا قلقت مرة أخرى من شيء ما اسأل نفسك " ما هو الشيء الصغير الذي يمكن أن أفعله الآن ؟ " ثم افعله , و تذكر أن لا تسأل " ما الذي يمكنني أن أفعله لأتخلص من هذا الشي كلية ؟" فهذا السؤال لن يجعلك تتخذ خطوة عملية أبداً .

و عندما تفعل شيئاً حيال الأشياء التي تقلق بشأنها , فهذا يجعلك تتفرغ لأشياء أخرى , كما إنه يزيل الخوف و الشك من حياتك و يعيد لك زمام الأمور في خلق ما تريد , فقط افعل شيئاً .

ستيف تشاندلر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة