إنني أكره قراءة
الكتب التحفيزية التي تصرخ فيّ بأهمية الأمانة , و الاستقامة لذاتها , و هذا
دائماً ما يخلق لدى عزوفاً بشكل أو بآخر , حيث أن هذا يظهر الكتاب بمظهر الواعظ
الغاضب , و الذي قلما يخلق فيك أي حافز .
و دائماً ما
تحفزني أكثر , تلك الأشياء التي أعدت بحيث تجعلك تشعر بالإثارة و المتعة , و
غالباً ما يفتنني وعد بحياة جميلة , و قلما يفتنني وعد بحياة تكون أكثر استقامة و
صلاحاً , و بالنسبة لي فإن أهم حيثيات الأمانة هو مدى جمالها . . و كيف أنها تجعل
الرحلة من الواقع الحالي إلى الحلم رحلة تمتاز بالوضوح و الصفاء .
فعندما يعرف
المرء بالضبط أين هو , يمكنه أن يذهب إلى أي مكان انطلاقاً من موقعه , أما الضلال
فهو إحدى سمات "عدم الأمانة" , و عندما تكون ضلاً , أو غير أمين , فإن
أي مكان ستذهب إليه من حيث أنت سيكون خطء
, و عندما نبدأ بتفسير , أو قراءة خاطئة , فلن نصل إلى ما نريد .
و نصبح مثل حجر
بوب دايلان المتدحرج لا نعرف من نحن , و نشعر في أعماقنا "بأننا بلا هوية
تماماً".
و على الجانب
الآخر نجد أن الحقيقة واضحة و كاملة و مقنعة , كما أنها قوية و صلبة بحيث يمكنها
المحافظة على ثباتنا و نحن نقفز .
يقول الشاعر جون
كيتس "الحقيقة هي الجمال"
فكلما كان الشخص
أميناً مع الآخرين و مع نفسه بشأن الواقع الحالي , كلما زادت طاقته , و تركيزه , و
ليس لزاماً علينا أن نتبع ما قلناه لهذا , أوذاك.
و من أحسن و أكثر
التفسيرات إيجابية عن جمال الأمانة الشخصية , ذلك التفسير الذي قدمه
"ناثانيال براندين" في كتابه "الأركان الستة لتقدير الذات" و
خلافاً لمعظم الكتاب و هذا الموضوع يرى براندين الحقيقة , و الأمانة باعتبارها
جزءاً إيجابياً من عملية تقدير الذات , و يرى أن علينا أن لا ندين بالأمانة إلى
الحس الأخلاقي للناس , بل لا بد أن ندين بها لأنفسنا .
يقول براندين
" إن من أكبر الأمور التي تخدع بها نفسك أن تقول لنفسك " لن يعرف بالأمر
غيري , لن يعرف غير أنني كاذب , لن يعرف إلا أنا أنني أتعامل بشكل لا أخلاقي مع من
يثقون في , لن يعرف إلا أنا أنني لا أنوي مطلقاً أن أحترم وعدي , و مع هذا إن حكمي
غير مهم و لا يهم إلا حكم الآخرين و رأيهم .
و كتابات براندين
عن الاستقامة الشخصية كتابات محفزة , حيث يجعل الهدف من الاستقامة هو خلق ذات أقوى
و أسعد و ليس مجرد الانصياع للدعوة الأخلاقية العامة .
و من الطرق التي
نصف بها العمل الفني غير المتقن , و غير الكامل أن نصفه بأنه "فوضى" , و
المشكلة في الكذب , أو الكذب من خلال الحذف إن هذا يدع كل شيء غير كامل , أي في
فوضى , أما الحقيقة فدائماً ما تكمل الصورة – أي صورة – و عندما تكون الصورة تامة
و كاملة يمكننا أن نراها جميلة .
بل إنني أسمع عن
أناس – عادة ما لا تستطيع أن تثق بهم أبداً – يوصفون بأنهم "فوضويون" ,
و على العكس نجد أن الشخص الذي يمكنك دائماً أن تثق في أمانته معك , يشار إليه
دائماً على أنه شخص جميل , و بهذا يصبح من المستحيل الفصل بين الجمال والحقيقة .
و الحقيقة تؤدي
إلى مستوى أعلى من الثقة في علاقاتك مع الآخرين و مع نفسك , فهي تقضي على الخوف ,
و تزيد من إحساس المرء بتحكمه في نفسه , أما الأكاذيب و أنصاف الحقائق , فسوف تثقل
كاهلك دائماً في حين أن الحقيقة من شأنها أن ترتب تفكيرك و تعطيك الطاقة و الوضوح
اللذين لا بد منهما للتحفيز الذاتي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة